قال الدكتور حنا عيسى، الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، “إن المجتمعات الإنسانية تتميز بالتنوع السياسي والإجتماعي والفكري والديني، وجميعاً ننتمي للأسرة الإنسانية، إلا أننا مختلفون وأن لكل منا شخصية مستقلة ومميزة، ومن حقنا أن نعبر عن هذا الإختلاف وأن نعتز به لأنه أساس ثراء الإنسانية“.
وأضاف، “إننا كشعب فلسطيني، نؤمن بالتعايش الديني والسياسي ونمارسه نظرياً وتطبيقاً، ويشهد لنا عليه تاريخنا القديم والحديث إنطلاقاً من خصوصياتنا على إعتبار ان أرض فلسطين مهبط الديانات التوحيدية الثلاث( الإسلامية، والمسيحية، واليهودية)، وشعبنا الفلسطيني بمسلميه ومسيحييه جزء لا يتجزأ من الأمة العربية، وأرضه جزء من الوطن العربي الكبير“.
وأكد، “التسامح الديني مطلب إنساني دعت إليه كافة الأديان دون إستثناء، وهو يجيب على أهم سؤالين تواجههما الإنسانية وهما، أولا، قيم التسامح وأثرها على التعايش؟، وثانيا، موقف الأديان من التسامح؟. حيث قيمة التسامح الديني تتمثل في كونه يقتضي الإحترام المتبادل، والمساواة في الحقوق وإرهاصاً لإقامة مجتمع مدني“.
وأوضح عيسى، “التسامح في الإسلام يعترف بوجود الغير المخالف فرداً أو جماعة، ويعترف بشرعية ما لهذا الغير من وجهة نظر ذاتية في الإعتقاد والتصور والممارسة تخالف ما يرتئيه شكلاً ومضموناً. ويكفي ان نعلم أن القرآن الكريم قد سمى الشُرك دينياً على الرغم من وضوح بطلانه، لا لشيء إلا أنه في وجدان معتنقيه دين. فقد دعا الإسلام إلى ان يكونوا لغيرهم موضع حفاوة ومودة وبر وإحسان، والقرآن يحذر أتباعه وينهاهم عن سب المشركين وشتم عقائدهم“.
وتابع، “أما التسامح في المسيحية فقد ورد في الإنجيل على لسان يسوع المسيح: ( لقد قيل لكم من قبل ان السن بالسن والأنف بالأنف وانا أقول لكم: لا تقاوموا الشر بالشر بل من ضرب خدك الأيمن فحول اليه الخد الأيسر ومن أخذ رداءك فاعطه أزرارك، ومن سخرك لتسير معه ميلاً فسر معه ميلين. من إستغفر لمن ظلمه فقد هزم الشيطان)”.
واستطرد، “والديانه اليهودية تدعو إلى التسامح كما ورد في التوراة: ( كل ما نكره أن يفعله غيرك بك فإيام ان تفعله أنت بغيرك)”.
وشدد عيسى ، “التسامح السياسي يكون بتجنب العنف، وبقبول التظاهر وسيلة للتعبير عن بعض الجماعات التي ليست لها طريقة أخرى لجعل آرائها ورغباتها معلومة بتأكيد خاص. وثمة حاجة إلى التسامح فيما يتعلق بالتعبير عن الرأي ولكن هذا لا ينبغي التسامح مع العنف. ولكل مرء الحق في الدفاع عن نفسه عندما تهدد حريته“.
ونوه، “إن إدراكنا للإختلاف فيما بيننا يحتم علينا تعزيز فكرنا وثقافتنا وقبول الآخرين من خلال دعم تسهيل مشاركتهم الكاملة في نواحي الحياة المختلفة. وضرورة إحترام هذا الإختلاف يبرر حق كل فرد في الإنضمام إلى الجماعة التي تشاركه أفكاره وإهتماماته وميوله، وقد تكون هذه الجماعة نادياً رياضياً، ثقافياً أو مؤسسة أهلية أو جماهيرية أو حزبية…إلخ“.
وأضاف، “من حقنا وحق الآخرين الإختلاف في وجهات النظر تجاه القضايا المجتمعية الشائكة، ولم يعد مقبولاً فرض رأي الأغلبية السياسية أو الدينية أو العرقية على الأقلية في المجتمع، والمجتمع المدني يؤمن بالتعددية المبنية على التسامح بين فئات المجتمع المختلفة، والثقافة المدنية الملتصقه بالتسامح. وآراء و وجهات النظر المختلفة تشكل شرطاً مهماً من شروط الممارسة المدنية.
ولفت، “الناس يستطيعون تفهم وجهات نظر الآخرين عن طريق الحوار والإختلاف الذي لا يولد حواراً يتحول الى خلاف عنيف، ولممارسة الحوار أصول، منها الإصغاء للآخرين وإحترام آرائهم والتكلم بهدوء ووضوح وتقديم الأدلة على ما تقول، والإبتعاد عن الجدل الذي لا داعي له. ومن أشكال التعددية هو تخصيص مقاعد للأقليات الدينية، والترخيص لوسائل إعلام متعددة ومتنوعة“.