اخبار العالم العربي
هل الفلسطينيون أمام القانون والقضاء سواء؟ (أ.د.حنا عيسى)

النص على مبدأ المساواة أمام القانون يجب أن يترتب عليه نتائج قانونية واقعية يجب احترامها, والعمل بها وبمقتضياتها)
قد بلينا في عصرنا بقضاة***يظلمون الأنام ظلما عما***يأكلون التراث أكلا لما***ويحبون المال حبا جما(جلال الدين السيوطي)
حرصت الإعلانات والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان ودساتير الدول على التأكيد على مبدأ المساواة أمام القانون فنصت المادة الأولى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على انه ” يولد جميع الناس أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق…” كذلك نصت المادة السابعة من الإعلان على أن “الناس جميعا سواء أمام القانون, وهم متساوون في حق التمتع بحماية القانون دونما تمييز وجاءت المادة العاشرة منه لتنص على مساواة الناس أمام القانون“وفي أن تنظر أمام القضاء العادل والعلني.
كذلك تضمن العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية, والنص على هذا المبدأ العديد من نصوصه وبعبارات مختلفة بما يضمن تمتع جميع الناس بهذه الحقوق على قدم المساواة.
وعلى المستوى الدستوري نجد أن النظام الدستوري لقطاع غزة لسنة 1962 ينص على ان “الفلسطينيين لدى القانون سواء وهم متساوون في الحقوق والواجبات لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الأصل أو اللغة أو الدين كذلك ينص الدستور الأردني الساري المفعول في الضفة الغربية على تساوي جميع المواطنين أمام القانون دونما تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وان اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين “.
كذلك حرص المشرع الفلسطيني أن يضمن هذا المبدأ بوضوح في المادة التاسعة من النظام الدستوري المؤقت للسلطة الوطنية, والتي تقضي بان الفلسطينيين أمام القانون والقضاء سواء , لا تمييز بينهم بسبب العرق أو الجنس أو الدين أو الرأي السياسي أو الإعاقة “.
وبعد استعراض هذه النصوص نقول بان هذا المبدأ مازال يحتل مرتبة مهمة ومرموقة لدى المفكرين والسياسيين ورجال القانون ولعل ذلك يرجع إلى المعاني السامية التي يتضمنها هذا المبدأ والمتمثلة باحترام الكرامة الإنسانية ووضعها في مرتبة إنسانية واحدة وفي مركز قانوني متساوٍ.
إن ما تقدم لا يعني أن يكون الناس سواسية أمام القانون من ناحية نظرية فحسب, دون أن يكون لذلك صدى من الناحية العملية أو الحياتية فالعبرة دائما بالتطبيق الفعلي والصحيح للمبدأ , لا بالمبدأ النظري المجرد .
لذلك فان النص على مبدأ المساواة أمام القانون يجب أن يترتب عليه نتائج قانونية واقعية يجب احترامها, والعمل بها وبمقتضياتها, ومن أهم هذه النتائج:
وأخيرا نود التأكيد على انه ليس المهم أن تضمن هذا المبدأ نصوصه دساتيرنا وقوانيننا فحسب بل الأكثر أهمية أن نجد التطبيق الصحيح لهذا المبدأ, وهو أمر تقع مسؤوليته تنفيذه على كل من السلطة والشعب. فالمواطن نفسه يجب أن يطالب الحماية القانونية لحقوقه وحرياته. على قدم المساواة مع غيره. وعليه أن يؤدي واجباته التي يفرضها عليه القانون وانتماؤه لوطنه, وفي المقابل يجب أن تعمل السلطة العامة على ترسيخ العمل بهذا المبدأ في الحياة العلمية ففي ذلك مصلحة للوطن والمواطن.