مكتبة الأدب العربي و العالمي

المقابر الجزء الثاني والاخير

ما ان مشينا عدة خطوات حتى فوجئنا بوجود حمار جالس بجانب احد المقابر .

قال سيد بصوت خافت يظهر فيه الخوف : كيف ظهر هذا الحمار و كان فين ؟

رد عليه حسين بصوت واهن تشعر انه من الخوف سيسقط فاقدا الوعي : بالفعل نحن مررنا من هنا الان و لم يكن هناك اي حمار .

و فجأة بدأت رأس حمار تدور يمينا و يسارا ببطء شديد ثم بدأ تدريجيا ينام على الأرض و يبدأ

جسده بالإنتفاض .. كان المنظر مرعبا , جسد الحمار ينتفض بشدة كأنه يسري في جسده مئات الشحن الكهربائية و اقدامه ترتعش بشدة و يخرج من فمه صوت اشبه بصوت الخوار و كانت ملامح وجهه تبدو عليها اقسى انواع العذاب كان واضحا ان الحمار يحتضر و انه دقائق و سيصبح جثة هامدة , اما نحن فلم يتفوه احدنا بكلمة فقد كان كل جزء في جسدنا يرتعش و لساننا منعقد لا يقوي على الكلام اما ضربات قلبنا فأظن ان صوتها كان مسموع في ارجاء القرية .

بدأنا نتحرك ببطئ من جانب الحمار و كنا حريصين ان يكون هناك مسافة بيننا و بين الحمار , لكن ما ان بدأنا نبتعد حتى انفتحت ابواب الجحيم وتحققت ابشع كوابيسنا .. القبور تهتز بشدة …. صوت ضربات قوية على ابوبها … غبار يتعالى في الجو … احجار و شواهد قبور تتساقط … ايادي متنشجة تحاول الخروج ثم بدأت الجثث بأكفانها البيضاء المغبرة بالتراب تطاير من حولنا كأن القبور تلفظها من فمها و كانت تسقط على الارض و تبدأ اجسادها انتفاض و ارتعاش مثل الحمار..

كنا في حالة يرثى لها نصرخ صراخا هيستيريا جنونيا يكاد يمزج احبالنا الصوتية , و اندفعنا نجري بدون وعي و بشكل عشوائي لا ندري الى اين نتجه .. كان سيد قد فقدنا اثره لا نعلم اين ذهب

اما انا و حسين فقد ظللنا نجري حتى وصلنا في النهاية الى حائط سد لأحد المقابر و نظرنا فلم

نجد اي مخرج او مكان نهرب اليه .. في الوقت التي بدأت الجثث تزحف نحونا على الارض ماده الينا يديها كأنها تطلب المساعدة .

و هنا لم يستحمل حسين فسقط على الأرض فاقدا للوعي اما انا فقد كان هناك خيط من الماء يسيل

من اسفل بنطالي على الارض وضح اني فقدت السيطرة على جهازي البولي , ما لبثت حتى شعرت انا الاخر ان الوعي ينسحب مني و الرؤية اصبحت مهتزة و قبل ان اغيب عن الوعي لمحت مجموعة اخرى من الجثث تحمل مشاعل تتجه نحونا .

فيما بعد علمت ان جدتي كانت في افضل حال و لايوجد اي تعب او اغماء اصابها و بالتالي لم يرسل خالي ابنه احمد ليطلب منا استدعاء الطبيب . وعندما طال غيابنا اشتد القلق على جدتي و خالي فقد اقترب الليل من الانتصاف و لم يعد الأولاد فقرر خالي الخروج مع مجموعة من رجال القرية للبحث عنا .فطافوا بالمشاعل في كافة ارجاء القرية و عندما اقتربوا من مقابر القرية سمعوا اصوات صرخاتنا فاندفعوا الى هناك فوجدوا في بداية المقابر سيد و هو يجري و كان في حالة خوف وهياج شديد يخرج من فمه كلمات وعبارات غير مفهومة و اضطروا في النهاية ان يقيدوه و حمله ثلاثة من الرجال الى بيت جدتي بينما اكمل خالي و باقي الرجال طريقهم للبحث عني انا وحسين حتى وجدونا فاقدي الوعي بجانب حائط سد لأحد المقابر .

طبعا لا داعي لأن اقول ان خالي والرجال لم يجدوا شيئا نهائيا لا جثث ملقاه على الارض … لا حمار يحتضر … لا قبور مفتوحة …. لا شيء على الاطلاق .. وبالطبع ظللنا لمدة شهرين نعاني من حالة انهيار عصبي … كنا في حالة نفسية و عصبية صعبة سيطر علينا الخوف بشدة … كانت الكوابيس تطاردنا في منامنا حتى اصبح النوم حملا ثقيلا على قلوبنا فكنا لا ننام الا بالمهدئات … نصاب فجأة بحالة هياج و هلع شديدين ,, نهذي في بعض الاحيان بكلمات غير مفهومة … تغيرت ملامح وجهونا فاصبح من يرانا يشعر كأننا كبرنا عشر سنوات على الاقل .

احتاج الامر لأكثر من جلسة علاج نفسي مع طبيب مختص حتى نستطيع ان نستعيد جزء من عافيتنا و قد قامت جدتي باحضار احد الشيوخ المعروفين بعلمه و تقواهالذي اكد لنا ان هناك نوع من الابالسة والشياطين يسكنون المقابر و الترع والمناطق المهجورة يحقدون على البشر و يبغضونهم يتجولون و ينتشرون بالليل بعد انتهاء الناس من اعملهم محاولين ان يصطادوا البشر الذين يمشون فرادى او في مجموعات قليلة ليثيرو رعبهم و مخاوفهم لدفعهم للجنون او الموت رعبا ,, و ان الحل الوحيد لاتقاء شرهم هو التقرب الى الله و تنفيذ اوامره و الابتعاد عن كل ما يغضبه .

انتهت قصة باسل عند هذا الحد اما انا فلا استطيع ان اجزم هل احداثها حقيقية ام لا و لن ابحث فليست مهمتي البحث عن صحة احداث القصة فهمتي الاولى و الاخيرة هي كما قلت سابقا هي جمع الاحداث و القصص الغريبة التي تقع خارج نطاق التفسير العقلي او المنطقي ,, و لكن ما استطيع ان اقوله انها قصة تحمل جزء لابأس به من الاثارة و الرعب خاصة لمن عاشوا احداثها و اعتقد انها بشكل كبيرا ستعجب القراء بالجريدة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق