اقلام حرة

حصانة الذات وحقيقة الوعي – بقلم صالح احمد كناعنة

علينا أن نتنبه إلى حقيقة إنّ الوعي يتولّد من الذّات، وصحوة الذّات وتهيُّؤها لتوليد واحتضان الوعي مرهونة بتفاعلات الذّات نفسها، وما تتلقى وتختزن وتذوّت وتولِّد من فكر وحس وتجربة ورأي.. يشكل انعكاسا لتفاعلات الذات مع نواميس ومجريات ومستجدات الحياة فكرا وسلوكا ووعيا.. الأمر الذي لا يستقيم مع ما نستقيه من الخارج فقط.. بل يجب أن يتولّد وينبعث من دواخلنا… لنتمكن من التحكم بما نواجه من خارج الذات.. وتخيّر ما يستقيم مع جوهر الذات.. ويلائم طموحاتها وقدراتها…
وهذا ما يسمى في علم الاجتماع وعلم الانسان (الإنتربولوجيا) “الحصانة الذاتية” التي مهمتها تحصين الذات من تأثيرات الخارج .. وتمكينها من تمحيص المؤثرات الخارجية وحسن التحكم بها وبتأثيرها على الذات..
وتقاس قوة الشخصية (الذات) بمقدار صمودها امام التأثيرات الخارجية.. واحتفاظها بالقيم الذاتية، وتحكمها بعملية التأثّر والتأثير بالآخَر.. لما فيه مصلحة الذات، والحفاظ على ثوابتها..
أما في حال اكتفاء الانسان بما يتلقاه من الخارج.. دون الارتكاز إلى حصانة الذات.. فلن يبلغ معه إلى درجة الوعي.. بل سيبقى يعاني ضياعا وغربة عن الذات تتمثل بتنامي الخلاف والاختلاف بين أفراد وفئات المجتمع.. باختلاف مصادر التلقي الخارجية.. مع تنامي التعصب لكل ما هو ذاتي وشخصي.. وبالتالي تبنّي وسيلة الرفض لكل ما هو مخالف للرأي والموقف الشخصي .. وهذا هو واقع المجتمعات الواقعة تحت تأثير تيارات الفكر الخارجية والدخيلة.. أو المجتمعات حديثة الانفتاح على الحضارة؛ والتي لم يتمكن أفرادها من تبني استراتيجية الوعي الذاتي، وتوليد طاقات الوعي المرتكزة على التلقي الثقافي المتبوع بعملية الانتقاء الواعي، وتوليد الطاقات المنبثقة عن الذات لأجل حصانة الذات.. فتجدهم يلقون بكل ما ورثوه من حضارة وفكر وأنماط تفكير وسلوك.. وراء ظهورهم… بل ويحاربونه ويعادونه!ويقبلون على كل ما يردهم من الخارج.. ما يعري إحساسهم الداخلي.. ويجعلهم ينظرون إلى الدخيل الوافد الخارجي بإكبار.. يقابله تقزيم لواقعهم وموروثهم..
وهذه تشكل أحد أهم أسباب انتشار العنف في مجتمعاتنا..
:::::::::::: صالح أحمد (كناعنة) :::::::::::::

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق