شعر وشعراء

ولادة قصيدة على ايقاع ” الفلافل ” / خــالد خبـــازة

ولادة قصيدة على ايقاع ” الفلافل ”

مع بدايات الستينات ، و تحديدا بين العامين 1960 – 1961 كنا لفيفا من الأصدقاء ، و ثلة من الرفاق .. حصلنا حديثا على الشهادة الثانوية .
كنا نجتمع و نتلاقى في ساحة شارع هنانو ، و هي ساحة تقع وسط و مركز مدينة اللاذقية تعج بالناس لقربها من دور السينما في ذلك الوقت و لكونها مركزا تجاريا تمتلئ الشوارع المؤدية اليها بمحلات الألبسة و المطاعم الشعبية فضلا عن وجود بعض المحلات التي تشتهر بالأكلة الشعبية ” الفلافل ” .
كنا نقف بالقرب من محل المرحوم ” حنا حموي ” على حاجز من السلاسل الحديدية . كان البعض منا ينظم الشعر و نتنافس في نظمه .. ونتداول ما كتبناه في هذا الملتقى . بعد تناول وجبة دسمة من فلافل المرحوم حنا الشهية ، التي لم يكن يتجاوز سعرها في ذلك الوقت الخمسة عشر قرشا .. و التي كان مشهورا بها المرحوم حنا . وكان ذلك يتكرر بشكل يومي تقريبا ، حيث تنتهي السهرة بحضور شريط سينمائي في احدى دورالعرض . وكانت المنافسة على أشدها ، وكان البعض منا يقف حكما بين المتنافسين .
كنا ننظم على مختلف بحور الفراهيدي و أكثرها ، الا الطويل فقد كان عصيا علينا النظم وفق تفعيلاته ، و كنا في أشدالتنافس للنظم عليه .. الا أننا كنا نفشل دائما .. و تفعيلاته هي : ,

فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن

وفي احدى الأمسيات ، و كالعادة ، وبعد تناول ” سندويشة دسمة ” صحت بالزملاء :
فرجت .. قالوا ماذا ؟ قلت هاكم البيت :

خليلي ان متّ و ضاق بي الطوى … فقولا .. محب قتلُته الفلافل

الطوى : شدة الجوع
فقالوا ، والله لك علينا ” سندويشة ” فلافل على حسابنا .و تذكرة سينما و كانت بخمسين قرشا في ذلك الوقت .
و بعدها بأيام نظمت قصيدة بعنوان ” وجيب ” على البحر المذكور ، ولما قرأته على الزملاء ، في الأمسية التالية ، كان أحد باعة الجرائد المعروفين من قبل أهالي اللاذقية ، في ذلك الوقت ، يدعى ” فؤاد الضرير ” رحمه الله ، كان يستمع اليها مصادفة ، لم يتمالك نفسه من ابداء اعجابه بعد الانتهاء منها معبرا بلفظة ” الله اللـــــــه ” ” .
وهكذا كانت ولادة القصيدة ، على ايقاع من الفلافل .

القصيدة, و هذه هي
وجيب
بقلبيَ ، مـن ميس القــدود وجيـب
………………….و روحيَ في سحر الكعاب تـذوب
و قـلبيَ مكلوم ، أضـرَّ بـه الهـوى
………………..فللسـقم هـــدآتٌ بـه ، وهبـــــــــوب
فتـنت بظـبي ليس عطف كعطفـه
….. …………اذا ما انثـنى ، والوصـل منـه يطيــب
جميل كضوء البدر أمـا شفاهه
……………..فخمــر .. وأمــا عــوده فقضيــــــب
يميــس إذا مــر النســيم بقــــده
………………..فيثنى ، كــأن البـــان منـــه قريــب
و درٌّ دمـوع العيـن والـورد خـده
……………….و ذا الجسم بـضٌ ، والبنـان خضيـــب
و يصمي سـواد القلب حدُّ سهامه
……………….إذا أطلقتهــا العيــن ، فهي تصيــــب
و ليـــس عجيبا أن يكــون لمثلـه
………………. كذا الحسن أما غـير ذا ، فعجيـــــب
تــكامل خلـق الله ، في قسماتــه
……………….فللشمــس إشراق لــه ، وغــــــروب
بروحي صبـاه بل بروحي بهـاؤه
……………… فـكل معانيـــــــه ، إلي حبيـــــــــب

……

اللاذقيــة 1961
خــالد خبـــازة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق