اقلام حرة

هل نجا الملك من حفرة الجحيم؟ بين «العربية» و«فرانس 24»؟ و«خاتم سليمان» في بيضة عكاشة! لينا أبو بكر

2018

 

(إيران هي التي بدأت الحرب على العراق العظيم، عندما اخترقت طائراتها الأجواء الوطنية، واختطف غواصوها مجموعة من الصيادين العراقيين، وما خفي أعظم، من استفزازات أدت لشن الحرب على إيران في ساحة المجد، والبطولة، وليس على طريقة اللصوص والقراصنة وَ قٌطّاع الحدود)… هذه نبذة خاطفة من اعترافات تاريخية لابنة اللواء الركن (مجيد لازم الفرطوسي)، أحد ألوية الجيش العراقي العظيم، زمن الرئيس صدام حسين، وقد التقيتها في لندن، مع العلم، أن الكثير من الأحداث، التي سبقت الحرب العراقية – الإيرانية، يتم التعتيم عليها، بل وتغيير حقائقها، بإعادة تصنيعها ثم تدويرها إعلاميا، لتتناسب مع متطلبات المرحلة الحالية، بما يخدم مصالح من ارتموا في أحضان الفرس بذريعة مقاومة إسرائيل، هؤلاء يعملون الآن على تشويه الوعي، وتشكيل رؤية مستحدثة، وقد تقلبوا في مضاجعهم الفضائية، فبدلوا أكتافهم قبل بنادقهم، وضمائرهم قبل أفكارهم، وهم يسجلون للتاريخ شهادات خائنة، يضعون الحق فيها على المقتول، ليدمروا المشروع الناصري العربي، ما داموا يستبدلون القومية بالعجمية! تراهم يعيبون على العربية ممارستها للدور نفسه، مع عدو العدو، وهي تجعل من الإبادة العرقية الاسرائيلية – كما أطلق عليها المفكر اليهودي إيلان بابيه – نكبة يهودية، وميلادا جديدا للقطاء التيه، و(آدي اللي جابوا البتاع)، فإياك ثم إياك، أن تفاضل بين عارين، لأنه من الخسة أن يكون مقياس المفاضلة بين الخائنين قائما على مبدأ الشرف، خصوصا أن الطرفين لا يحتميان بأعدائهما – وليتهما يفعلان – ولكنهما يستبسلان بحماية أعدائهما، من عروبتهما، فهل بعد كل هذا ستسأل: من أشرف الخونة وأشجع الجبناء، حين يسود قانون البتاع؟ أم ستكتفي بالنشيد الوطني لأحمد نجم: الخوف سرح في البتاع خلا الذيابه تصول!!
لا تتحسر على الأبطال، لأن عتاب النذل اجتنابه، ولا تقل لعدو لك عنده حاجة، يا سيدي، حين تنسى أن حمولة العربجي لا تعتمد على قوة الحمار، بل على خنوعه، ولا يطمئنها شبع الأسد لأنها تخاف من جوعه!

قمم القاع في ليلة الكريستال!

حين تعود لحوار قناة «الغد» مع محرر الشؤون الدولية في «الأهرام العربي» أسامة الدليل، تعجبك طريقة سخريته الإبداعية من عقد قمم تاريخية، في أوطأ منطقة على وجه الأرض: البحر الميت، ولا تأبه كثيرا للمذيع، وهو يتلقى تنبيها من غرفة الكونترول، يلقي به اللوم على الجغرافيا، ليطهر الخيارات السياسية من دُحْديرَةِ التضاريس، فالدليل قصد هذا الإيحاء الماكر، ليقنعك بخبثه أكثر من إصراره على الغباء حين ادعى أن تعبير «صفقة القرن» اختراع عربي بحت لم يتطرق إليه الإعلام العالمي!!
المشكلة ليست هنا، إنما في تقنية صناعة السم، الذي يشل الوعي، فبعض الإعلاميين يقعون في محظور أحد دارسي الطب في كاليفورنيا، الذي قام بتجميع مستحضرات الزرنيج السام في كتاب واحد، تحول إلى وثيقة موت، يودي بحياة من يلمسه، رغم ذلك سأنحاز لمفارقة القمم والقيعان، ضمن تصور أسامة الدليل، دون إغفال ابتسامة مكتومة كرصاصة رحمة في كاميرا المذيع، التي يحاول بها منتجة ليلة كريستال في حفرة الانهدام الإعلامية؟!
ربما لو تابعت حلقة محمد قواس في برنامجه «أبعاد» على القناة ذاتها: «فلسطين سبعون عاما قضية لا تموت»، لرأيت ضيفا يتحلل من صفته لا ليكون مذيعا، إنما ليستضيف قضية تاريخية في رزنامة فضائية، تستعرض مواقف الزعماء الأمريكيين عبر التاريخ من تهويد فلسطين، حتى ليطغى على بقية الضيوف الباهتين كفانوس المنحوس، متحررا من الرزنامة، وهو يحل ضيفا مُكَرّما على القضية، هذا هو الفارق بين أسئلة منزلة من الكونترول، وبين تساؤلات تتأجج في ضمير الإعلامي بدون وسيط عالق في الأذن كمطرقة الساحرات!

حفرة الجحيم بين زمنين!

«فرانس 24»، تناولت صفقة القرن بين العصا والجزرة في حلقتها عن أزمة الشرق الأوسط، حيث بدّع خالد الغرابلي، وهو يحلل تصريحات ملك الأردن، في زيارته الأخيرة لأمريكا حين سئل إن كان جاء ليقسم الفلسطينيين، فأجاب: «آخر ما تحققت منه أنهم منقسمون»!! ورغم أن الغرابلي لم يعلق على هذه العبارة، لا بالاستنكار ولا بالإحقاق، إلا أنه امتعض من عبارة الملك: «شعب غزة» قائلا: إنهم شعب غزة إذن، وليس الشعب الفلسطيني! متحدثا عن إغراءات اقتصادية ومَكْرُمَة كوشنرية لوقف إطلاق النار، ثم وبهدوء تام، يرفع الغرابلي عينيه، ويخفض حاجبيه، قائلا: هذه هي الجزرة، فأين العصا (يا نواطير آنانوكي) – وهي سلالة فضائية اخترعت التهجين الجيني!
الغرابلي كان أكثر شجاعة من خالد الرشد، في برنامجه «رحلة في الذاكرة» حلقة: لماذا صنع الاتحاد السوفييتي اسرائيل، مع ضابط المخابرات العسكرية سابقا والمستشرق ليونيد ميدفيدكو، حين صرح الضيف للرشد أن ستالين صادق على تقسيم فلسطين، بل رأى أن الفلسطنيين أنانيون حين يرفضون تقاسم أرضهم مع اليهود، كاشفا أن السوفييت هم أول من صنع اسرائيل، لإخراج بريطانيا من الشرق، ولكن العرب خذلوا ستالين بلجوئهم لهتلر! ما جعل ستالين يصر على غرس الشوكة الاسرائيلية في مؤخرات العرب – حسب التعبير الحرفي لميدفيدكو، لتظل تحكهم حتى أبد الدهر، فأين اعتراف الروس لخالد الرشد، بخذلان اليهود لهم، بعد أن خانوا الاشتراكية، وانضموا للمعسكر الرأسمالي؟ يا إلهي هل ينتقم ستالين من العرب حين يخونه اليهود؟ لماذا لم يستنكر الرشد هذا التحقير؟!
أداء الرشد المجامل، لم يرق للغرابلي المتحفظ، بين حفرة الجحيم الروسية، ووكالة الفضاء الأمريكية، واللتين تضحيان دائما بالمحاورين، في سباق التفحيط الإعلامي بين غزو الفضاء، أوالوصول إلى نواة الأرض، ولم يتبق عليك سوى التمتع بأرجوحة القمم والقيعان على طريقة المثل الشعبي: أبو جعران في بيته سلطان»!
وليس بعيدا عن إيران – التي تتهم إسرائيل باختطاف المياه، فلا تبذل أي مقاومة لاسترداد مسروقاتها، بل تجفف مياه العرب، لأنها تقيم عرشها فوق الماء كإبليس تماما – ترى إعلاما يتناطح شرفا ليعطيها الحق بإغلاق مضيق هرمز، فهل بعد هذا تبحث عمن يربط في رقبته حبلا، ألف مين يسحبه منه؟ أم من يتعلق بقشة الشيطان!

عكاشة وبيضة إبليس!

صدق المثل حين قال: «العيلة اللي ما فيهاش صايع حقها ضايع»، فالوضع الإعلامي في مصر منذ الساداتية، يتبنى قانون البتاع إياه: «حتة بتاع مخلب لراس الغول / وعشان يعيش على طول / عيّنْ حرس بالبتاع / وبرضو مات مقتول»! فلا يفرح عكاشة كثيرا ببيضة إبليس، التي تتكاثر فيها هذه الذرية الفضائية، وقد دلت الدراسات الدينية التي تنشرها قناة «المجلة» الالكترونية، على تكاثر إبليس بالبيض، فلا تقل لي بعد هذا أن المسألة تتعلق بالتشبيه الأدبي أيها المشاهد، إن كنت تهتم بالحقيقة «البحوث العلمية» فعلا، أكثر مما تستهويك الفخاخ «الاستعارات»!
هذا البيض الشيطاني، يعود إلى المشهد، على طريقة المثل المصري: «ادلعي يا عوجة في الليلة السوده»، وهي ليلة الكريستال ذاتها، التي تحول القاتل إلى ضحية، وتساوم على الجياع في فضاء البتاع، وتستبدل شجرة الخلود الشهيدة بعشبة الغفران الصهيونية، هؤلاء كلهم أشباه عكاشة، وما أدراك ما عكاشة؟! يقول عكاشة: اسرائيل تنتصر بجهلنا، موبخا المشاهد، ومقرّعا الكونترول، لعدم تحليهم بشغف المعرفة، وهو يصر على أن التوراة ليست محرفة، متناسيا أنه أول الجاهلين، لأن الكشوفات الأثرية الفرنسية أثبتت أن التوراة منقولة حرفيا من رسائل حمورابي، وأن هيكل سليمان من الاسرائيليات، وقد أثبت علماء الدين الغرب أن سفر الملوك الذي كتبه «آرميا»، كما يدعي الصهاينة، يثبت محتواه أن النبي لم يعاصره حتى، فهل يضع أولاد عمك ملكهم في خاتم عكاشة؟ أم أن عكاشة يخبئ ملكه الإعلامي في بيضة إبليس… وعمار جهنم!

كاتبة فلسطينية تقيم في لندن

المصدر : القدس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق