اقلام حرة

الدواعش اليهود أضحت مؤشرات تطرف الفكر الداعشي

image imageالدواعش اليهودأضحت مؤشرات مظاهر تطرف الفكر الداعشي اليهودي فى تصاعد مستمر، والتي تجاوزت بسرعاتها التقديرات والسيناريوهات الأمنية الإسرائيلية

أخبار العالم- د. سامح عباسموجة من التطرف الديني والفكرى اجتاحت منطقة الشرق الأوسط، مواكبة لثورات الربيع العربي التي بدأت مع أواخر عام 2010. أرجع البعض هذه الظاهرة إلى فقدان الأمل فى حل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي والممارسات الأمريكية فى المنطقة، فيما وجه البعض الآخر أصابع الاتهام إلى الأنظمة العربية التي سقطت خلال ثورات الربيع العربي، بأنها لم تتح متنفس لتنظيمات الإسلام السياسي، والتي وجدت الفرصة سانحة أمامها بعد الفوضى التي سادت معظم هذه الدول، وأصبح هناك عنوان عريض لهذه الظاهرة يحمل اسم “داعش”، الذي أصبح ماركة مسجلة، وحق إختراع حصري لكافة التنظيمات والجماعات المتطرفة فى منطقة الشرق الأوسط.الظاهرة الجديرة بالملاحظة هو انتقال الفيروس الداعشي المتطرف بكافة أشكاله، من التنظيمات الإسلامية المتطرفة، إلى التنظيمات الدينية اليهودية المتطرفة داخل إسرائيل، وساد فى السنوات الأخيرة داخل المجتمع الصهيوني ما يمكن أن نطلق عليه “دعشنة المشهد اليهودي” وظهر المتشددون والمتطرفون اليهود الذين ينتهجون الفكر الداعشي اليهودي، وأصبحوا بمثابة “الدواعش اليهود” داخل المجتمع الإسرائيلي، يمثلون خطراً وجودياً حقيقياً، ليس فقط ضد الفلسطينيين، ولكن أيضاً ضد الإسرائيليين اليهود أنفسهم.الدواعش اليهودبدأت ظاهرة “الدواعش اليهود” فى الظهور بشكل ملفت للغاية مع بداية العقد الثاني من الألفية الجديدة، من خلال عدد من العمليات الوحشية الممنهجة ضد الفلسطينيين، والتي تعتمد على الحرق والقتل بوحشية، على غرار ما يفعله الدواعش فى عدد من الدول العربية، وبخاصة فى العراق وسوريا.ينتهج الدواعش اليهود فى الأراضي الفلسطينية المحتلة سياسة انتقامية تعرف باسم “دفع الثمن” وتقوم على مهاجمة أهداف فلسطينية وكذلك مهاجمة جنود يهود بجيش الاحتلال في كل مرة تتخذ السلطات الإسرائيلية إجراءات يعتبرونها معادية للاستيطان. وتشمل تلك الهجمات تخريب وتدمير ممتلكات فلسطينية وإحراق سيارات ودور عبادة مسيحية وإسلامية وإتلاف أو اقتلاع أشجار زيتون. ونادراً ما يتم توقيف الجناة أو يتم معاقبتهم.الدواعش اليهود حالهم كحال أقرانهم من الدواعش المسلمين، لا ينتمون إلى فصيل واحد أو جماعة متشددة بعينها، بل يندرجون تحت مظلة أكثر شمولية وعنوان للتطرف الديني والفكري، وعلى هذا المنوال يمكن القول أن الدواعش اليهود لا يضمون فقط نشطاء حركة “دفع الثمن”، بل هناك متطرفين يهود يطلقون على أنفسهم “شباب التلال” وهم نشطاء من بؤر استيطانية عشوائية في الضفة الغربية المحتلة أو من يتعاطف معهم. وهناك كذلك جماعات منظمة مثل “لاهافا” التي تعارض الاختلاط بين اليهود وغير اليهود. وأيضا حركة “كاخ” العنصرية المعادية للعرب والتي أسسها الحاخام مئير كاهانا الذي أُغتيل عام 1990.وعن تعاظم ظاهرة “دعشنة المشهد اليهودي” وتطورها بشكل متلاحق، يقول آفي ديختر، الرئيس السابق لجهاز الأمن العام الإسرائيلي : “هؤلاء المتطرفون ليسوا مجموعة منظمة لها تسلسل هرمي. فهم أشخاص لا يقبلون بسلطة أحد، ويخططون لإقامة كياناً قائماً على الشريعة اليهودية حيث يعطي الله فقط التعليمات”.فيما تشير استاذة علم الجريمة في جامعة اريئيل العبرية بالضفة الغربية المحتلة مالي شخوري بيتون، إلى أن هناك العديد منهم – أي “الدواعش اليهود”- تخلف عن الدراسة وجعلوا من الايديولوجية المتطرفة والقيم الدينية المفترضة هدفاً في حياتهم، معتقدين أنهم ينفذونها، ولكنها تعد تشويها للدين وقيمه.ومن خلال عقد مقارنة سريعة بين الدواعش اليهود ونظرائهم من الدواعش المسلمين على ضوء المعطيات سالفة الذكر سندرك وجود عوامل مشتركة كثيرة بين المعسكرين، تعتمد فى الأساس على إنكار الواقع وعدم الاعتراف بالأنظمة الحاكمة، واستخدام الشباب المتحمس والمُجهَل وقوداً لنار التطرف والتعصب الديني فى المنطقة.خطر أمنيفى واقع الأمر وإن كانت إسرائيل، سواء من خلال سياستها العدوانية تجاه الفلسطينيين فى الأراضي المحتلة، أو من خلال إختراقها مخابراتياً للتنظيمات الإرهابية الإسلامية، إلا أنها تواجه خطراً داهماً من خلال تعاظم تهديد الإرهاب اليهودي- وهو بالمناسبة بات مصطلحاً مألوفاً داخل الأوساط الإسرائيلية فى السنوات الأخيرة- أجمله الضابط السابق فى المخابرات الإسرائيلية، يعقوب عميدور فى مقالة له بصحيفة “إسرائيل اليوم” العبرية، مشيراً إلى أن تعاظم الإرهاب اليهودي سيؤثر على جهود إسرائيل فى الصراع ضد التنظيمات الإرهابية في العالم. حيث ستجد تل أبيب صعوبة في أن تشرح لماذا عندما لا تنجح في تصفية الإرهاب اليهودي الداخلي فيها، تتوجه باللوم للآخرين، الذين يقصرون فى محاربة الإرهاب لديهم. كما أن المبررات الاسرائيلية ستكون بلا معنى حيال المطالبة بمحاربة الإرهاب الإسلامي ضد اليهود في أرجاء العالم، في الوقت الذي تعجز فيه إسرائيل نفسها فى مواجهة الإرهاب اليهودي ضد المسلمين والمسيحيين .على أية حال يبدو أن مؤشرات مظاهر تطرف الفكر الداعشي اليهودي فى تصاعد مستمر، تجاوزت بسرعاتها التقديرات والسيناريوهات الأمنية الإسرائيلية، لا سيما أن جريمة إحراق الرضيع “على الدبابشه” وعائلته، كشفت النقاب عن وجود تنظيم يهودي متطرف ذي أجندة خطيرة، يأتي على رأس أهدافه إقامة حكم ديني في إسرائيل يقوم على أساس الشريعة اليهودية؛ الأمر الذي أزال ورقة التوت عن عورة إسرائيل التي دأبت الترويج لنفسها- كذباً وبهتاناً- أمام العالم، والغرب تحديداً، بأنها “واحة للعلمانية والديمقراطية وسط محيط عربي مسلم يسكنه التطرف الديني”.. هذه الصورة بدأت بالتحول إلى مجرد دعاية زائفة، وذلك على وقع زحف التطرف الديني اليهودي، بجرائمه الكثيرة وممارساته الوحشية المتكررة سواء تجاه الفلسطينيين أو تجاه الإسرائيليين اليهود أنفسهم. وهكذا أضحت إسرائيل مصدرا للإرهاب الديني والفكر المتطرف (فضلا عن كونها مصدرا لإرهاب الدولة) بعد أن دأبت طيلة السنوات الماضية على تصوير نفسها ضحية لهذا الإرهاب

مقالات ذات صلة

إغلاق