اقلام حرة
قميص بلا أزرار / ناهد الغزالي
قميص بلا أزرار
جلس في العلية يرتق الفجر بابتسامة زائفة، شق جلباب التردد، امتطى جبين الريح، هاهو أمام بيتها المتواضع، ركن سيارته الفاخرة، استقبلته طفلتها الشقراء بابتسامة ساحرة، حافية القدمين، ازرقت شفتاها من فرط البرد، احتضنها، رسمت قبلة على خده” أحبك بابا”
ضمها إلى صدره مربتا على كتفيها، ثم ولج البيت، رائحة معطر الجو بطعم الورد، موسيقى خافتة، ألقى السلام بحرارة، ارتمت في حضنه باكية،
– لاتتركني بعد الآن، لقد عشت ليلة رعب، صاحب البيت و مجموعة من ندمائه، شربوا كثيرا، تعربدوا، تغزلوا بي بصوت مرتفع، أحكمت إغلاق الباب، حاولت الاتصال بك لكن رصيدي لم يكن كافٍ،
تسمر في مكانه، داعب وجهها، كبح دمعه، ناقوس القهر يذكره بساعة الرحيل، وصدى زمجرة أهله يشل ابتسامته، جلس على الأريكة المهترئة، جلست بجانبه، وضعت رأسها على كتفه، أما ابنتها فذهبت للعب مع ابنة الجيران،
-حبيبتي سأستأجر لك بيتا آخر، فخما، لن أتركك فريسة عديمي الضمائر،
طرقات على باب العلية، أفاق من شروده،
-سامر افتح الباب
نهض متثاقلا، فتح الباب دون النظر في وجهها،
_بنيّ إلى متى وأنت مسجون بين دخان السجائر؟ ابني لا يتزوج امرأة مطلقة، وفقيرة،
-معك حق، تريدين فتاة ثرية، ولا يهم الأخلاق، أنسيت؟ كنت من حانة لحانة، ومن بنت لبنت، مطوق بالفساد، أتعلمين؟؟ لما غدرتني تلك الوقحة ابنة صديقتك، وخانتني مع صديقي، كنت ثملا، تركوني وحيدا، ملقى على طريق مهجور، أتت “الفقيرة، المطلقة، ساعدتني، أحبها يا أمي أحبها…أرجوك لا تتدخلي في هذا الأمر،
رن هاتفه، لم يستطع الرد أمام والدته التي كانت تسخر منه وتنعت حبيبته بأبشع الصفات،
وصلته إرسالية قصيرة، فتحها بلهفة، جحظت عيناه، شهق، سقط على ركبتيه، ينعى حلمه الجميل!!
ناهد الغزالي