شعر وشعراء
في حضرة البيت الحرام د. معتز علي القطب
أَبكي مِن الحُبِّ أم أبكي مِنْ الأَلمِ
عِندَ الوُقُوفِ أمامَ البيتِ بالحَرمِ
مَا إنْ تَذَكَّرتُ أَقصانا وَكُربَتَهُ
حتى بَكَيتُ كَمولودٍ من الرحِمِ
أَو رُبما خَجَلِي مِنْ أنْ يُعاتِبَني
يُجْرِي دُموعِيَ شَلالاً من القِمَمِ
ما أكرَمَ اللهَ حيثُ اليومَ مَكَّنني
مِنْ أَنْ أَطوفَ مَع الأفواجِ والأُمَمِ
في حَضْرَةِ البَيتِ أَعضائِي تُسانِدُني
حَتى أبوحَ أمامَ البَيتِ بالندمِ
قَد جِئتُ أُفْرِغُ حِملاً كادَ يُثقلُني
مِن الذُنوبِ أو الآثامِ واللمَمِ
تِلكَ الذُنوبُ على ظَهري تُؤرِّقُني
تَكادُ تُرهِقُني مِنْ شِدةِ العِظَمِ
أتيتُ أمْلَأُ بالإيمانِ أوعِيَتي
مِن مَنبع الخيرِ في ركنٍ وَمُلتَزَمِ
اليومَ آخُذُ زادًا كي يُسانِدني
في رِحلَةِ العُمرِ مِنْ أكلٍ وَمِنْ طعمِ
إني سَأغرفُ خيراتٍ مُنوَّعَةً
وَأطعِمُ الروحَ في جِسمي مِن النِّعَمِ
الآنَ أوقِدُ نُورًا كي يَرى بَدَني
ما في الطريقِ وَلو في الليلِ والظلَمِ
أَمشي على سُنَّةِ المُختارِ سَيِّدنا
أجَدِّدُ العَهدَ للرحمنِ والحَكمِ
أَشتمُّ في الحِجْرِ أنفاساً مُقَدسَةً
كانت عبيراً مِنْ الآياتِ وَالنسَمِ
هُناكَ في البيتِ آياتٌ تُوَحِّدُنا
تُعيدُنا لِطَريقِ الدينِ والهِمَمِ
لَبَّيكَ ما أشْرَقَت شَمْسٌ بِعَالَمِنا
يا كَاشِفَ الضرِّ والأحزانِ والغُمَمِ
إنّي بِبابِكَ مُشتاقٌ لتغفرَ لي
يا صاحبَ البيتِ والإحسانِ والكرمِ
أحتاجُ عَفوكَ عَنْ ذَنْبِي وَمَعصِيَتي
يا غافرَ الذنبِ مِن فِعلٍ وَمن كَلمِ
خَلفَ المقامِ أُتمُّ اليومَ أَدعِيَتي
أَدعو إلى القدسِ والأكنافِ والرحِمِ
اللهُ أكبرُ في الآذانِ نَسمَعُها
أَحلى وَأجملَ ما في الكونِ مِن نَغَمِ
يَا صَاحِبَ البيتِ والدُنيا بِأجمعِها
وَخالقَ الإنسَ مِن طِينٍ ومن عَدمِ
تُدَبرُ الكَونَ في عِلْمٍ تُقَدِّرُهُ
يَجري بأمرك في الألواحِ والقَلمِ
يا عَالمَ الغَيبِ مَهمَا كانَ تَعلمهُ
وآمرَ الريحِ والأمطارِ والدِّيمِ
تَهدي إلى الرشدِ جَباراً وَتُصلحهُ
وترحَمَ الخَلقَ من عُرْبٍ وَمِنْ عَجَمِ
يا فارِجَ الهم والأحزان تُبْدلها
وَتُبرِئُ الناسِ مِن داء ومِن سَقمِ
يا مالكَ الملكِ مَولانا وَسيِّدنا
ومبدع الكونِ مِنْ أرضٍ ومن نُجمِ
إنّي لأشهد أن اللهَ خالقنا
وَأنَّ طه رَسُولَ اللهِ للأممِ
يا واحداً أَحَداً، يا واحداً صمداً
يا خير منتصرٍ يا خيرَ منتقمِ
إني دعوتكَ يا مولايَ مجتهداً
مِن سُنة المصطفى من منبع الحكمِ
يا سَيِّد الدارِ هل تُعطي عُروبَتَنا
شيئاً من الدينِ والأخلاقِ والقَيَمِ؟
قد جئتُ أبكي على ما كانَ يَجمعنا
عُرًى من الأصلِ والإسلامِ والشيمِ
جِئنا إلى البيتِ نَرجو أن تُسامِحنا
أكرِم وفادَتنا يا وَاسِعَ الكرمِ
أمامَ بابك مولانا مطالبُنا
نرجو رضاك ونرجو الفوزَ في سَلَمِ
في حضرة البيت ندعو ربَّنا طمعًا
أن يَملأَ القُدسَ بالعمارِ والحَشمِ
يُعيدُ للمسجدِ الأقصى مَكانتهُ
وَيعمرُ البيتَ بالحجاجِ والخدم
كل التحية للدكتور معتز علي القطبِ