حماية الأردن من الإرهاب والتكفير واجبة
بقلم :- راسم عبيدات
الموقف من الإرهاب وحملة الفكر الوهابي التكفيري وداعميه والمحرضين عليه،يجب ان يكون واحداً ولا يجزأ،وأي خلاف في الإطار السياسي والموقف من النظام الأردني،يجب ان لا ينسحب على الموقف من الإرهاب،بل في إطار فهمنا العميق لهذه المسألة،نرى بان الدفاع عن الأردن وصون امنه وإستقراره وحماية نسيجه الوطني والمجتمعي من الإرهابيين والتكفريين،هي مهمة وطنية من الدرجة الأولى،فما يجري في الأردن ليس بمعزل عما يحدث في كامل المنطقة العربية،فهناك قوى إرهابية وتكفيرية،هي الأخرى ليست معزولة،او منزوعة من سياقها وحواضنها وبيئتها،بل هي تحمل مشروع سياسي خطير،وهناك من يخطط لها ويمولها ويدعمها،ويبث سمومه بين الأمة العربية،وخاصة بين الفئات الأكثر فقراً وبؤساً، وتهميشاً مستغلاً بساطتهم واوضاعهم الإقتصادية وواقعهم الإجتماعي،وعمق الروحانية والدين عند هؤلاء،لكي يغرس في أذهانهم أفكاره التكفيرية والإرهابية،موظفاً الدين والفقر والبساطة لخدمة مشاريعه واهدافه،ولذلك علينا أن نغادر خانة البساطة والسذاجة والتحليلات السطحية ولغة الشعارات والمزايدات والمناكفات،فالمرحلة التي تمر بها امتنا العربية على درجة كبيرة جداً من الخطورة،وما يحدث على مستوى الإقليم والمنطقة يستهدف وجودنا،حضارتنا،قوميتنا،ديننا،ثقافتنا،هويتنا ومعتقداتنا وكل مقومات وجودنا كامة عربية واحدة ذات رسالة خالدة. المنطقة حبلى بالتطورات والتحولات،المشاريع الإرهابية والتكفيرية،ومشاريع الفوضى الخلاقة وتفكيك الجغرافيا العربية وإعادة تركيبها على تخوم المذهبية والطائفية،وإعادة انتاج سايكس- بيكو جديد،تواجه مازق جدي وحقيقي وحالة من الإستعصاء. سوريا بإستعادة حلب،تسقط مشروع تقسيم سوريا،والعراق بإستعادة الموصل تسقط مشروع تقسيم العراق،والمشروع السعودي في اليمن ينتحر على أبواب صنعاء ويواجه الفشل الذريع،وكذلك المشروع “الداعشي” في ليبيا يتراجع وينكسر. مشاريع التمزيق والتحريض الطائفي والمذهبي تواجه خطر الفشل الذريع،وهذا الفشل حتماً له إرتدادات،وما جرى ويجري في الأردن في الكرك وغير الكرك،وما صاحبه من سقوط شهداء عسكريين ومدنيين،له علاقة بتلك الإرتدادات،فهذه القوى الإرهابية والتكفيرية،تحاول التعويض عن فشلها بالضرب في منطقة اخرى،والأردن واحدة من الساحات التي تضرب فيها تلك القوى الإرهابية والتكفيرية، التي استغلت وتستغل واقع الأردن،حيث الأردن بحكم أزمته الإقتصادية،وكذلك ما يتعرض له من تهديدات وضغوطات عربية خليجية واقليمية ودولية وصهيونية،وبحكم الجغرافيا السياسية والتحالفات،الأردن لم يتخذ مواقف حازمة وحاسمة من تلك القوى،التي وجدت في الأردن مرتعاً خصباً لممارسة انشطتها وفعالياتها التحريضية المذهبية والتكفيرية،واستغلت دور العبادة والمؤسسات التعليمية والإغاثية،وكان واضحاً حجم التحريض وبث الفتن المذهبية ونفث السموم،فيما جرى في حلب بعد إستعادة الدولة السورية لها من الجماعات الإرهابية،حيث مواقع التواصل الإجتماعي وأغلب خطباء المساجد المذهبيين شنوا حملة غير مسبوقة من التحريض المذهبي ودعوات التكفير والتخوين،تحت حجج وذرائع التضامن مع حلب التي يتعرض اطفالها وشيوخها ونسائها لقتل والتنكيل علي يد “قتلة” النظام السوري واعوانه. كل هذا التحريض والتغذية والشحن المذهبي،حتماً سينعكس على الساحة الأردنية،ولذلك لا يجوز تبسيط ما حدث في الكرك،ووصف ذلك بأن من قاموا بتلك الأعمال الإرهابية،هم جماعات من اللصوص وقطاع الطرق او الخارجين عن القانون،فهؤلاء يحملون فكراً إرهابياً وتكفيرياً،وكذلك لديهم اجندات خارجية لا وطنية ومشاريع سياسية،تستهدف العبث بالأردن بامنه ،بإستقراره السياسي ونسيجه ومكوناته ومركباته الوطنية والمجتمعية. في اللحظات والمواقف الحاسمة والخطيرة غير مبرر التقاعس او التشفي او السكوت او التبرير لما يجري في الأردن،فالدفاع عن امن الأردن،هو دفاع عن امننا وشعبنا الفلسطيني،فيما يجري في الأردن،والذي يشكل الرئة الثانية لفلسطين،سينعكس على شعبنا الفلسطيني وعلى قضيته وحقوقه الوطنية،فالمسألة ليس فقط في إطار الوشائج والعلاقات التاريخية والمجتمعية،التركيبة والبنية السكانية،والتداخل في كل الشؤون والمناحي الحياتية،بل أي حالة غير مستقرة في الأردن،مثل دفع الأمور تجاه الفوضى والإنفلات من قبل تلك الجماعات الإرهابية والتكفيرية،قد يشكل فرصة مؤاتية لحكومة الإحتلال،لفرض مشروع سياسي تحلم به منذ زمن طويل،مشروع الوطن البديل،القيام بعمليات طرد وتطهير عرقي واسعة بحق الشعب الفلسطيني،وما يترتب على ذلك من خطر الإحتراب الداخلي والفوضى،ولذلك عندما نقول بان الأردن وطننا وشعبنا،فهذا ليس في إطار المزايدة او التزلف او الشعار،بل هذا تعبير عن إدراك ووعي وفهم عميق، عن مدى جدلية العلاقة التي توحدنا وتربطنا كشعوب عربية،بالقدر الذي ندافع فيه عن مصر وسوريا والعراق وليبيا وغيرها من البلدان العربية ندافع عن الأردن في وجه القوى التكفيرية والإرهابية،وربما الأردن اكثر قليلاً،حيث خصوصية العلاقة الأردنية – الفلسطينية،ومن هنا نقول بأنه لا بد من القراءة المعمقة والدقيقة لكل التطورات والتغيرات الحاصلة على مستوى المنطقة والإقليم،لكي نتمكن من رسم صورة واضحة تمكننا،من وضع حلول ومعالجات جدية وحقيقية،لمثل الظواهر الأخذة في التعمق في المجتمع الأردني،بسبب سيطرة الفكر الوهابي التكفيري على الفضاء الإعلامي والثقافي،وسيطرة تلك الجماعات التكفيرية على المنابر الدينية والإعلامية والمؤسسات التعليمية والإغاثية والإجتماعية،ولذلك المعالجات يجب أن تاخذ بعين الإعتبار،ضرورة احداث تغيير جذري،يمكن من إستعادة السيطرة على المؤسسات التعليمية والمدارس،بحيث تركز على التعليم الوطني وإعادة الصياغة لتلك المنهاج،بما يخلق مواطنة وتعددية واحترام كل مكونات المجتمع،وكذلك المنابر الدينية يجب ان يتم منعها من بث سموم الفتن المذهبية والخطب التكفيرية،ووسائل الإعلام المرتبطة بذلك مقروءة ومسموعة ومرئية،يضاف لها المواقع الألكترونية ووسائل التواصل الإجتماعي. كل هذا يجب ان لا يكون على حساب صون حرية الرأي والتعبير والتعددية،بل يجب ان يكون من أجل تحصين المجتمع من مخاطر نشوء وتكون الإرهاب والتطرف المذهبي والطائفي المدمر. القدس المحتلة – فلسطين 21/12/2016 0524533879 Quds.45@gmail. com