اقلام حرة

كتب الناقد محمود جوده

هؤلاء الشباب الذين يدفعون آلاف الدولارات كي يخرجوا من غزة بأي طريقة، ليسوا جُبناء، وليسوا خبائث، أو لا وطنيون، بل هم أجمل ما في غزة وأكثرهم اصرارًا على الصمود والحياة.

هؤلاء الذي ملوا استخدامهم كالخراف متى أينعت رؤوسهم قطفتها دانات المدافع أو أيدي السجان، هؤلاء الذي يرفضوا أن يكونوا أرقامًا في سجلات الموتى الأبطال.

هؤلاء أصحاب العقول التي انغلقت عليهم الآفاق وما عاد لهم سوى الانتحار أو السفر سبيلًا، فاختاروا أيسرهما.

هؤلاء هم ورد أهاليهم الذي ذبل أمام أعينهم ولم يستطيعوا لريه سبيلأ، هؤلاء الذي ملّوا اسطوانة الصبر والصمود والرباط، هؤلاء الهاربين من نزفهم المستمر طيلة أكثر من عشر سنوات هي نصف أعمارهم يضعون اليوم بصمة من دم فوق جباه من يدعون الوطنية.

هؤلاء هم الذين تنبهوا لسرقة أعمارهم منهم، ومصادرة أحلامهم مقابل شعارات كاذبة أصبحت مكشوفة، هؤلاء الذين شعروا أنهم بلا أي قيمة في نظر الحاكم – “فالمتضرر هو المواطن”.

هؤلاء هم الذي رفضوا أن يكونوا قطيعًا يتم استدعائهم في ذكرى الانطلاقة، وموسم الانتخابات والمظاهرات الموسمية.

هؤلاء هم أطيب الطيب فينا، هؤلاء هم عيوننا التي نرى بها لتخبرنا أن غزة ليست آخر الدنيا، بل هناك حياة خارج هذا القفص الوطني، حياة تحبكم أحيائًا وليس صورًا مصلوبًا على حيطان المدينة أو متروكةً بين ركام البيوت المهدمة.

مقالات ذات صلة

إغلاق