
التغافل ليس غفلة ولا ضعف بل رفعة نفس واتساع قلب وفهم عميق لطبيعة العلاقات الإنسانية فالكمال ليس من صفات البشر والزلات جزء من تفاصيل الحياة وكل علاقة صادقة تمر بلحظات تتطلب حكمة التجاوز بدلًا من عناد المواجهة
المتغافل لا يعني أنه لا يرى بل يختار أن يعلو فوق الخطأ حفاظًا على الود واستمراية القرب هو الذي يعرف متى يصمت ومتى يسند ومتى يبتسم ليطفئ شرارة عتاب كان يمكن أن يشعل فجوة كبيرة بين القلوب
من يملك فن التغافل يختار راحة القلب وسكينة الروح يغمض عينيه عن الزلات الصغيرة ليبقي على روابط كبيرة ويمنح الآخر فرصة أن يكون أفضل في ظله لا في خصامه فالتغافل زاد العظماء وبلاغة الحكماء ومصدر من مصادر الطمأنينة في العلاقات
هو الذي يبني جسور المودة فوق خلاف عابر ويحفظ جمال العلاقات في وجه تقلبات البشر ويجعل من القلب ساحة رحبة للصفح لا مستودعًا لتراكم العتب فمن أراد طول المدى في القرب فليجعل التسامح نهجه والتغافل طبعه
ولأجل كل ذلك فالتغافل لا يعني أنك ضعيف بل يعني أنك ناضج بما يكفي لتختار الحب فوق الألم والسلام فوق الغلبة والنقاء فوق الحساب
د. أحمد عبدالغني الغني الثقفي