مقالات
قيام الليل: أهميته وسبل إقامته عبد الحفيظ الندوي

كان النبي ﷺ يقوم بالليل حتى تتورم قدماه، رغم أن الله قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
لم يكن ﷺ يترك قيام الليل حتى في حال المرض أو السفر أو الجهاد في سبيل الله.
كان السلف الصالح يوصفون بأنهم “فرسان في النهار، رهبان في الليل”.
فقدان صلاة الليل بسبب النوم يجعل النهار غير مثمر، إذ يُستمد النشاط والبركة في قيام النهار من قيام الليل.
جاء في القرآن الكريم وصف أهل قيام الليل بأجمل الصفات، كما في قوله تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾ (المزمل: 1-4).
﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا﴾ (الإسراء: 79).
﴿تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (السجدة: 16-17).
﴿كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ (الذاريات: 17-18).
ذكر النبي ﷺ أربع خصائص عظيمة لقيام الليل:
1. سُنة الصالحين من قبلنا.
2. طريق القرب من الله تعالى.
3. سبب لمغفرة الذنوب.
4. وسيلة للابتعاد عن الذنوب والمعاصي.
لقيام الليل في رمضان خصوصية عظيمة، فقد قال النبي ﷺ:
“من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه” (متفق عليه).
كان النبي ﷺ يجتهد في العشر الأواخر من رمضان اجتهادًا لم يكن يجتهده في غيرها.
أسباب تعين على قيام الليل
1. الخوف من النار ورجاء الجنة: قال تعالى: ﴿يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا﴾ (السجدة: 16).
2. الابتعاد عن الذنوب والمعاصي، فإنها تُثقل القلب وتمنع الإنسان من لذة العبادة.
3. استشعار لذة مناجاة الله تعالى، فقد كان السلف يقولون: “لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من اللذة لجالدونا عليها بالسيوف”.
4. الابتعاد عن الترف الزائد والمبالغة في الراحة، لأن كثرة الراحة تميت القلب وتثقل البدن عن الطاعة.
5. النوم مبكرًا بقصد الاستيقاظ لقيام الليل.
6. الحرص على القيلولة في النهار، فهي تعين على النشاط في الليل.
7. محاسبة النفس إذا فات القيام، والسعي إلى التعويض عنه في النهار بالنوافل أو صلاة الضحى .
8. الإلحاح في الدعاء بطلب العون من الله على قيام الليل.
9. التأمل في سير السلف الصالح الذين كانوا لا يفوتون قيام الليل مهما كانت الظروف.
10. الاعتياد على قيام الليل تدريجيًا حتى يصبح جزءًا لا يتجزى من حياة المؤمن.
آداب قيام الليل
إقامته في الظلمة، وتجنب الإضاءة الشديدة التي تشتت الخشوع.
الحرص على أدائه منفردًا إن أمكن مع رفع الصوت بالقدر الذي يعين على الخشوع.
الإطالة في القيام، والركوع، والسجود، كما كان النبي ﷺ يفعل.
الإكثار من الدعاء، فإن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد.
الإكثار من قراءة القرآن، والذكر، والاستغفار.
الدعاء المأثور في ليالي رمضان الأخيرة خاصة:
“اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني” (رواه الترمذي وصححه الألباني).
نسأل الله أن يرزقنا قيام الليل والإخلاص فيه، وأن يجعلنا من أهل طاعته.