مكتبة الأدب العربي و العالمي
وراء كل رجل عظيم، امرأة عظيمة… ترجمه الأخ عبد الحفيظ الندوي
قصة حب آينشتاين التي لم يقرأها الكثيرون

وُلدت فتاة تُدعى ميليفا في صربيا، وكانت أسرتها من أغنى العائلات في منطقتها. وبعد إنهاء دراستها الثانوية، واجهت مشكلة كبيرة، حيث إن المؤسسة التعليمية التي كانت ترغب في الالتحاق بها لم تكن تقبل سوى الذكور. لذا، حصل والدها على تصريح خاص من وزارة التعليم سمح لها بحضور محاضرات الفيزياء في زيورخ. كانت شغوفة بالغوص في أعماق المعرفة، ووصفها زملاؤها بأنها فتاة ذكية قليلة الكلام.
===============
أما ألبرت آينشتاين، فقد وُلد في ألمانيا، وكان والده صناعيًا، بينما كانت والدته ابنة مالك أراضٍ. كان منذ صغره فضوليًا ومتمردًا، وبسبب قلة انضباطه، لم يكمل دراسته الثانوية في ألمانيا، بل أنهى تعليمه في سويسرا. التحق بمعهد البوليتكنيك في زيورخ لدراسة الفيزياء والرياضيات مع ثلاثة طلاب آخرين، لكنه لم يكن يحضر المحاضرات كثيرًا، بل كان يفضل الدراسة في المنزل.
===============
كانت ميليفا فتاة ذكية ومنظمة في حياتها. وعند إعلان نتائج عام 1900، حصلت على درجة 4.7، بينما حصل آينشتاين على 4.6، باستثناء مادة الفيزياء التطبيقية، حيث نالت ميليفا الدرجة الكاملة (5)، بينما حصل آينشتاين على درجة متدنية (1). كانت ميليفا تتفوق في العمل المخبري والتجارب، بينما استمر آينشتاين في تمرده.
وفي 13 ديسمبر 1900، كتبا معًا مقالة بحثية، لكنها نُشرت بتوقيع آينشتاين فقط. تعددت الآراء حول ذلك، فهناك من يقول إن ميليفا رغبت في أن يظهر اسم آينشتاين وحده، بينما يرى آخرون أسبابًا مختلفة.
===============
من خلال رسالة كتبها آينشتاين عام 1901، يتضح أن ميليفا ساعدته كثيرًا في تطوير نظرية النسبية. لكن حظها العاثر عرقل مسيرتها، إذ أصبحت حاملًا، بينما كان آينشتاين لا يزال عاطلًا عن العمل، فاضطرت للعودة إلى منزل والديها.
كان ألبرت مترددًا في الزواج منها بسبب وضعه الوظيفي، لكنها لم تستسلم وراسلت أحد أساتذتها، البروفيسور ويبر، لمحاولة إكمال مسيرتها الأكاديمية، لكنه رفض طلبها.
بعد فترة وجيزة، وُلدت ابنتها، لكن مصيرها ظل مجهولًا ولم يُعرف عنها شيء بعد ذلك.
===============
أخيرًا، في عام 1903، تزوجا بعد وفاة والد ميليفا. في ذلك الوقت، كان آينشتاين يعمل في مكتب براءات الاختراع، حيث كان يعمل ستة أيام في الأسبوع، ثماني ساعات يوميًا، بينما كانت ميليفا تقوم بالأعمال المنزلية فقط. في هذه الفترة، كان آينشتاين يعمل على وضع أسس نظرية النسبية الخاصة، لكنه أصيب بالمرض، فقامت ميليفا بقراءة أبحاثه عدة مرات ومراجعتها قبل إرسالها للنشر.
ووفقًا لشقيق ميليفا، كانا يعملان معًا في الليل تحت ضوء مصباح الكيروسين، يكتبان، يحلان المسائل، ويناقشان الأفكار.
===============
في عام 1910، وُلد طفل آينشتاين الثاني، وفي تلك الفترة بدأ بعلاقة غرامية مع ابنة عمه إلسا، التي أصبحت سببًا في طلاقه من ميليفا.
وافقت ميليفا على الطلاق بشرط أن تحصل على الأموال التي سيحصل عليها آينشتاين من جائزة نوبل. كانت تعيش حياة صعبة في شقة متواضعة، وبقيت كذلك حتى وفاتها. وفي عام 1925، كتب آينشتاين وصيته بمنح أموال الجائزة لأبنائه، مما أثار غضب ميليفا بشدة.
وفقًا لمصدر يُدعى كريستيتش، كتبت ميليفا لوالديها وأصدقائها المقربين عن كيفية مساهمتها في أبحاث آينشتاين، وكيف أنه دمر حياتها، لكنها قامت لاحقًا بإتلاف هذه الرسالة. كما أكد ابنها أن والدته لعبت دورًا أساسيًا في أبحاث آينشتاين العلمية.
===============
عند دراسة حياة هذين الشخصين، يتضح كيف عملا معًا في البحث العلمي، لكن ميليفا، التي كانت نابغة، ضحّت بمستقبلها بسبب حبها. قد يكون ذلك خطأها، لكن لو لم تكن ميليفا في حياة آينشتاين، لما أصبح اسمه معروفًا كما هو اليوم، فهي التي نظّمت حياته وساعدته في تغيير تاريخ الفيزياء.
وراء كل رجل عظيم، امرأة عظيمة.