
بين جدران المستشفى العسكري الأبيض في مصر، كان أحمد يقضي أيامه بين الألم والوحدة. فقد أصيب في ويلات الحرب، ومع التئام جراحه، كان يتألم لذكرياته وأحلامه الضائعة. في تلك الأيام، تعرّف على إيناس، التي كانت ترقد على السرير المجاور له. كانت طبيبة من غزة، وأصيبت في قصف جوي، مما جعلها أسيرة الوحدة، تمامًا مثل أحمد.
في صمت غرفة المستشفى، تبادلا الحديث عن قصصهما، عن الحياة التي سلبتها الحرب، وعن الأحباء الذين فقدوهم. ومع تبادل الآلام والأحزان، نشأت بين قلبيهما رابطة خاصة، تحوّلت مع مرور الوقت إلى حبّ، حبّ قادر على تلطيف مرارة الألم.
لكن القدر كان له رأي آخر. كان على إيناس مغادرة مصر إلى قطر، حيث كان ذلك ضروريًا لإنقاذها من واقع الحياة القاسية في غزة. عاد أحمد وحيدًا مرة أخرى، ولم يبقَ له سوى ذكرياتها. استمر التواصل بينهما عبر الهاتف، فزاد البعد من عمق مشاعرهما.
علّمت إيناس أحمد أن للحب قوة تتجاوز آلام الحرب، وأن الأمل يمكن أن يولد من رحم المعاناة. كانا يعلمان أن لقاءهما مجددًا قد يستغرق وقتًا طويلًا، لكن حبهما بقي ينتظر أيام الرجاء.
وذات يوم، ذهب والد أحمد إلى منزل إيناس في غزة ليطلب يدها للزواج. وافق والدها، وتم عقد قرانهما عبر الهاتف، لكنه كان زواجًا رمزيًا فقط، لأن قوانين الدول والحدود السياسية جعلت اجتماعهما مستحيلًا.
وسط ركام الخسائر والآلام، بقي حبّ أحمد وإيناس نورًا من الأمل، ورسالة للعالم بأن الحب قادر على أن يزهر حتى في أحلك الظروف. لقد كان حبًا نبت في الفراغ، يحكي قصة الألم والرجاء.