مقالات
رؤية هذه السلسلة يكتبها د. محمد طلال بدران – مدير دار الإفتاء والبحوث الإسلامية – السلسلة مكوّنة من إثنتي عشرة مقالة “الأزمات النفسية في العصر الحديث” (1)
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:
* الطمأنينة النفسية في ظل الضغوط المعاصرة
– بعد سلسلة: (مبادرة الأمل في مواجهة العنف) تعالوا بنا ننتقل إلى سلسلة جديدة نتناول فيها أحد المواضيع الهامة في عصرنا الحديث، والتي أتناول فيها: “الأزمات النفسية التي تعصف بالناس في عصرنا الحديث” والتي يعاني منها الكثيرون، والتي ترجع إلى عدة أسباب رئيسية، منها:
1- ضغوط الحياة اليومية:
حيثُ تسارع وتيرة الحياة، وزيادة متطلبات العمل، وصعوبة تحقيق التوازن بين الحياة الشخصية والمهنية.
2- التكنولوجيا والعزلة الاجتماعية:
الإفراط في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي الذي يؤدي إلى العزلة، والمقارنة السلبية، والإحساس بعدم الكفاية.
3- ضعف الروابط الأسرية والاجتماعية:
تراجع التواصل الحقيقي داخل الأسرة والمجتمع، مما يضعف الدعم النفسي للأفراد.
4- البعد عن القيم الروحية:
قلة الارتباط بالإيمان والروحانيات، مما يؤدي إلى ضعف الطمأنينة والثبات.
5- الأزمات الاقتصادية:
البطالة، الغلاء المعيشي، والديون، مما يولّد شعورًا بعدم الأمان والضغط.
6- الأحداث العالمية:
الحروب، والكوارث، وتغير المناخ الذي يزيد من مشاعر الخوف والقلق على المستقبل.
7- الأمراض النفسية غير المعترف بها:
تجاهل أو وصم المشاكل النفسية يمنع الناس من طلب المساعدة؛ بمعنى آخر: -أي تصنيفها على أنها أمر غير مقبول أو محرج- يؤدي إلى منع الأفراد من طلب المساعدة، هذا يعني أن الشخص قد يخجل أو يشعر بالخوف من التحدث عن مشكلاته النفسية بسبب الخوف من الحُكم عليه أو العواقب الاجتماعية لهذا الاعتراف، مما يجعله يتجنب الحصول على الدعم اللازم.
* أما عنوان مقالتنا الأول والذي أود افتتاح هذه السلسلة به فهو: “الطُّمأنينة النفسية في ظل الضغوط المعاصرة”
– حيث أننا جميعًا نحتاج إلى الطُّمأنينة والراحة النفسية
في عصرٍ تتسارع فيه الأحداث وتتزايد التحديات، حيثُ أصبحت الضغوط النفسية جزءًا لا يتجزأ من حياة الإنسان، الضغوط الاقتصادية، وتحديات العمل، وضعف العلاقات الاجتماعية، إضافةً إلى التأثير السلبي لوسائل التواصل الاجتماعي، كلها عوامل تُضعف توازن النفس، في ظل هذه الظروف، يبحث الإنسان عن الطمأنينة النفسية كملاذ يُعيد له الاستقرار والسعادة.
* مفهوم الطمأنينة النفسية
الطمأنينة هي شعور داخلي بالراحة والسكينة، ينبع من استقرار النفس وسلامها مع الله أولا، ثمّ مع الذات ثانيًا هذا الشعور لا يعني غياب المشكلات، بل القدرة على التعامل معها بثبات وإيجابية، يقول الله تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ (الرعد: 28)، مما يشير إلى أن الإيمان والارتباط بالله أساس الراحة النفسية.
* وسائل تساعد على تحقيق الطمأنينة
1- تعزيز الإيمان:
التوكل على الله، والتقرب إليه بالعبادات، وقراءة القرآن، مما يمنح القلب استقرارًا وثقة.
2- إدارة الوقت والضغوط:
تنظيم الأولويات، وتخصيص وقت للراحة والاسترخاء،
بمعنى ترتيب المهام اليومية بحيث يتم تنفيذ الأمور الأكثر أهمية أولاً، ومن ثم تخصيص وقت محدد للراحة والأنشطة التي تساعد على تجديد الطاقة العقلية والجسدية.
3- العلاقات الاجتماعية:
بناء علاقات صحية وداعمة مع الأسرة والأصدقاء.
4- ممارسة التفكر والامتنان:
التأمل في نعم الله وشكرها، مما يعزز القناعة والرضا.
5- طلب المساعدة عند الحاجة:
اللجوء إلى مختصين نفسيين أو علماء دين عند مواجهة أزمات عميقة.
خاتمة
الطمأنينة النفسية ليست هدفًا بعيد المنال، بل هي خيار يتطلب السعي والعمل المستمر لتحقيقه، باتباع منهج الإسلام القائم على الإيمان والعمل الصالح، عندها يمكن للإنسان أن يجد الطمأنينة حتى في أصعب الظروف، ويعيش حياة مليئة بالسلام والاستقرار.
• عنواننا القادم بمشيئة الله تعالى: الإيمان كوسيلة لعلاج القلق والاكتئاب
* طاب صباحكم، ونهاركم، وجميع أوقاتكم، ونسأله تعالى أن يحفظ مجتمعنا، وأن يُبرِم لهذه الأمة إبرام رشد.
* مقالة رقم: (1855)
28. رجب . 1446هـ
الثلاثاء .28.01.2025 م
باحترام:
د. محمد طلال بدران (أبو صُهيب)