ثقافه وفكر حر

ابو ذر الغفاري

محمد منصور

هو رجل من قبيلة لها باع طويل في قطع الطريق ، فأهلها مضرب الأمثال في السطو غير المشروع ، إنهم حلفاء الليل ، والويل لمن يقع في أيدي أحد منهم.

دخل مكة متنكرا ، يتسمع إلى أخبار أهلها والدين الجديد ، حتى وجد الرسول صلى الله عليه وسلم في صباح أحد الأيام جالسا ، فأقترب منه ، وقال : نعمت صباحا يا أخا العرب.
فأجاب رسول الله : وعليك السلام يا أخاه.
قال : أنشدني مما تقول.
فأجاب رسول الله : ما هو بشعر فأنشدك ، ولكنه قرآن كريم.
فقال : اقرأ علي.
فقرأ عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يصغي ، ولم يمض غير وقت قليل حتى هتف : (أشهد أن لا اله الا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله).
وسأله رسول الله : ممن أنت يا أخا العرب؟.
فأجابه الرجل وقال : انا “أبوذر” من غفار.

وتألقت ابتسامة واسعة على فم الرسول صلى الله عليه وسلم ، واكتسى وجهه بالدهشة والعجب … وضحك “أبو ذر” فهو يعرف سر العجب في وجه الرسول الكريم ، فهو من قبيلة (غفار) ، أفيجيء منهم اليوم من يسلم ؟!
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: إن الله يهدي من يشاء.

أسلم “أبو ذر” من فوره ، وكان ترتيبه في المسلمين الخامس أو السادس ، فقد أسلم في الساعات الأولى للإسلام.
وكان “أبو ذر” رضي الله عنه يحمل طبيعة متمردة ، فتوجه للرسول صلى الله عليه وسلم فور اسلامه بسؤال : يا رسول الله ، بم تأمرني ؟.
فأجابه الرسول : ترجع الى قومك حتى يبلغك أمري.
فقال “أبو ذر” : والذي نفسي بيده لا أرجع حتى أصرخ بالاسلام في المسجد هنالك دخل المسجد الحرام.
ونادى بأعلى صوته : (أشهد أن لا اله الا الله وأشهد أن محمدا رسول الله).

كانت هذه الصيحة أول صيحة تهز قريشا ، من رجل غريب ليس له في مكة نسبا ولا حمى ، فأحاط به الكافرون وضربوه حتى صرعوه ، وأنقذه “العباس” عم النبي بالحيلة ، فقد حذر الكافرين من قبيلته إذا علمت ، فقد تقطع عليهم طريق تجارتهم ، لذا تركه المشركين.

ويعود “أبو ذر” رضي الله عنه الى قبيلته ، فيحدثهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الدين الجديد.
ومضت الأيام وهاجر رسول الله الى المدينة ، وإذا بموكب كبير يقبل على المدينة مكبرا ، فإذا هو “أبو ذر” رضي الله عنه ، أقبل ومعه قبيلة (غفار) قد اسلموا جميعا.
فإزداد الرسول صلى الله عليه وسلم عجبا ودهشة ، ونظر اليهم وقال : “غفار غفر الله لها وأسلم سالمها الله”.

و”أبو ذر” كان له تحية مباركة من الرسول الكريم ، حيث قال : “ماأقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء ، أصدق لهجة من أبي ذر”.

المصدر :
– البداية والنهاية – ابن كثير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق