مكتبة الأدب العربي و العالمي
المستودع / الجزء الأول
في ليلة رأس السنة الجديدة , وداخل مستودعٍ قديم .. تجمّع سبعة اشخاص بأشكالهم الكئيبة المريبة , بعضهم بملابس سوداء ومكياجٍ داكن كعبّاد الشياطين ..والبعض الآخر حضر بثيابٍ مُبهرجة وفاقعة اللون كالشواذّ !
حيث وجدوا داخل المستودع المهجور : عدة كراسي رُصّت بشكلٍ دائري , وأُضيئت في الوسط مجموعة من الشموع الملونة ..
فجلس كل واحدٍ على كرسيه وهم ينظرون لبعضهم باستغراب , دون ان يتجرّأ احد على الكلام ..
وهنا سمعوا شخصاً يُصفّق لهم من بعيد :
– أحسنتم جيمعاً !!
فسأله احدهم : هل انت صاحب الإعلان ؟
– نعم , معكم ديفيد إكس .. و انا ممتنٌّ لتفضيلكم الإحتفال معي عوضاً عن عائلاتكم بعيد رأس السنة
فقال أحدهم : بالحقيقة عائلتي فرحت حين أخبرتهم انني سأحتفل مع اصدقائي في الخارج
وقالت فتاة مراهقة : وأنا لم يسألوني اصلاً اين ذاهبة في هذا الوقت المتأخّر!
شاب : اما انا فأكاد أجزم ان عائلتي لم تلاحظ بعد غيابي , لأنهم نادراً ما يدخلون غرفتي !
ديفيد : ممتاز !! يبدو جميعنا نتفق بأن عائلاتنا لم تفهمنا يوماً
فأومأوا برأسهم إيجاباً ..
وهنا سألته فتاةٌ هندية : وهل لديك نفس المشكلة سيد ديفيد ؟
فأجابها : عانيت في الماضي كثيراً من المحيط الذي كبرت فيه , حيث عدّني أقراني غريب الأطوار , ولقّبوني بالكائن الفضائي الفاسد ! لهذا جمعتكم اليوم للإستماع الى مشاكلكم وهمومكم كأخٍ كبير
فسألته صبية (حليقة الرأس) : وهل سندفع لك مقابل جلساتك العلاجية ؟
فأجابها بابتسامة : لا ابداً .. فهذه جلسة فضّفضة , وأنا لست طبيباً نفسياً .. بل شخصاً عانى كثيراً من مجتمعه المتخلّف
الشاب : وهل وجدّت حلّاً لمشكلتك ؟
ديفيد : نعم , وسأخبركم به بعد إحتفال الليلة على طريقتنا الخاصة .. (ونظر الى ساعته) .. بقيّ هناك خمس دقائق على بداية رأس السنة ..
ثم أخرج جهاز التحكّم من جيبه , وضغط على ازراره .. فإذّ بشجرة الميلاد تنزل من سقف المستودع , والأنوار الملونة تُضاء في اركان المكان الواسع .. والموسيقى العالية ترتفع من مكبّرات الصوت ..
واثناء إنشغال الشباب بالأحداث المُبهجة , توجّه ديفيد الى طاولة في الزاوية .. وأزال عنها الغطاء الأبيض , لتظهر اصنافٌ عديدة من الطعام والحلوى .. قائلاً لهم :
– بقيت هناك دقيقة واحدة على بداية السنة .. إلبسوا القبعات الملونة التي تحت مقاعدكم , وضعوا الصافرات في فمكم لبدء الحفل .. هيا إسرعوا , ماذا تنتظرون ؟!!
وبالوقت الذي كانوا يضعون عليهم زينة الميلاد , قال ديفيد بصوتٍ عالي وهو ينظر الى الساعة الكبيرة المعلّقة على جدار المستودع :
– لنتعهّد جميعنا على العيش بحرّية في العام الجديد , دون الإكتراث بآراء من حولنا .. والآن لنُعدّ سويّاً الثواني الأخيرة لهذا العام : 4- 3- 2 – 1
ثم هبطت البالونات فوق رؤوسهم مع اطلاقهم للصافرات , وهم يقفزون بسعادة على بدء السنة الجديدة..
بعد ساعة .. إنتهى الشباب من تناول جميع اصناف الطعام والشراب اللذيذة , ظانين بختام الحفلة .. لكن ديفيد فاجأهم بطاولةٍ صغيرة وضعها امامهم
فسأله أحدهم : ما هذه ؟
فكشف الغطاء من فوقها , لتظهر انواع مختلفة من المخدرات بشكل حبوب وحقن..
فصرخ الشاب بدهشة : يا الهي ! هذه انواع فاخرة من المخدرات
ديفيد : نعم , وهي لكم بالمجّان
فهجموا عليها لاختيار ما يشاؤون ..
ديفيد : حاولوا ان لا تسرفوا في استخدامها , فأنا اريد اسعادكم لا القضاء عليكم يا اصدقاء
ومن بعدها .. إستراح كل شخصٍ منهم في إحدى زوايا المستودع .. الى ان غفوا في سباتٍ عميق
قبيل الفجر .. أيقظهم ديفيد بعد تشغيله لأغنية روك صاخبة .. وبالكاد استطاعوا الجلوس بثبات على كراسيهم من شدة النعاس ومن دوار المخدّرات (بناءً على طلبه) ..
فقال لهم : آسف على إيقاظكم بهذه الطريقة , لكني قدّمت الكثير لإسعادكم , ولم تعطوني بعد ما اريده
من قصص حكايا العالم الاخر