مكتبة الأدب العربي و العالمي
المزمار_السحري الجزء الثاني
خرجت الاميرة بدور من الحظيرة وهي تشعر بالقلق والتوتر.. فلقد أدركت أنها قد تُركت وحيدةً في تلك الليلة الظلماء لسببٍ مجهول..
وبينما هي كذلك… وإذا بها تبصر شخصاً يقترب ناحيتها..
شعرت بدور بالكثير من الخوف.. لكن ما الذي ستفعله وهي فتاةٌ ضعيفة ومعزولة في تلك الارض الخالية..
فجلست على الارض وأخذت تبكي وتنادي أمها
وهنا وصل إليها القادم الغريب فخاطبها قائلا :
أرجوكِ لا تخافي مني يا سلوى..
رفعت بدور رأسها بدهشة وتطلّعت إليه فإذا هو الراعي احمد..
قال احمد :لقد التقيت في طريقي بالفتيات الهاربات وبحثت عنكِ بينهن فلم أجدك.. لذا فقد هرعت الى هذا المكان وها أنتي هنا فالحمد لله..
إستغربت بدور أمره فقالت :لماذا هربت الفتيات؟؟ ولماذا تبحث عني أنا بالذات؟؟
رد الفتى :أخبرتني الفتيات عن قصة الجبل الذي تم قصفه بثلاثة بروقٍ متتالية..
أما بالنسبة لسؤالكِ الثاني…..
لكن في تلك اللحظة بالذات.. سمع الإثنان صوت زمجرةٍ مخيفة.. ثم ظهر لهم من بين الظُلمة شخص عظيم الجسم غزير الشعر.. وكان ذلك المخلوق هو غول الجبل الاسطوري..
إرتعدت لرؤياه بدور فصرخت :
إنه غول الجبل… يا إلهي فالخرافة حقيقةٌ إذن..
سارع الغول بإمساك بدور المذهولة فاختطفها وحملها تحت ذراعه.. فتوسلت به صارخةً أن يتركها فلم يفعل..
أراد الغول القبض على احمد كذلك، فتراجع الراعي الشاب لكنه لم يبتعد..
فصرخت عليه بدور وطلبت منه أن يهرب بحياته..
ثم استدار الغول وقفل عائداً الى الجبل، فلاحظ أن الراعي لا يزال يتبعه.. فأدرك الغول بأنه غير مضطرٍ للقبض على الراعي.. لأن ذلك الشاب سيتبعه حتى قمة الجبل ما دامت صديقته الشابة تحت رحمة الغول..
سار الاثنان طويلاً في أحراش الجبل صعوداً الى قمته.. وفي الطريق، قال احمد للغول وهو يسير خلفه بحذر :
ما رأيك يا سيدي الغول أن تطلق سراح الفتاة مقابل نعجةً من نعاجي؟؟
لم يتلقَ احمد جواباً فواصل بدوره الكلام :
قصدت نعجتين….. بل خذ كل نعاجي إذا أردت..
لكن الغول واصل المسير ولم يكترث..
فأصيب احمد بالاحباط فأخرج مزماره وشرع بالعزف.. فالتفت إليه الغول وزعق نحوه ونَهَره.. فتوقف الراعي عن العزف فورا..
تلا ذلك أن التفتت بدور الى احمد وقالت وهي تبكي :
أرجوك لا تتخلى عني أيها الراعي.. استمر بالمحاولة معه..
رد احمد :
لا تقلقي يا سلوى.. لن أتخلى عنكِ أبدا..
وصل الثلاثة أخيراً الى قمة الجبل.. فقالت بدور :
أيها الراعي الطيب.. اسمك احمد.. أليس كذلك؟؟.. لا فائدة من البقاء معي.. أرجوك عد الى المملكة وأعثر على أمي وأخبرها بأني آسفة وأني أحبها جداً…
ثم أجهشت بالبكاء.. فقال احمد :
ومن تكون والدتكِ يا سلوى؟؟
لكن هنا.. إلتفت الغول الى احمد ثم نطق أخيراً فقال بصوتٍ قادحٍ :
لقد فات الأوان.. لن يتمكن هذا الفتى من نزول الجبل مهما حاول.. فنحن الآن في منطقتي.. وفيها تتجلّى قوتي..
أنزل الغول من على عاتقه الاميرة بدور، فأسرع أحمد وأمسك بيدها وركضا معاً بغية هبوط الجبل.. لكن ياللخسارة!!!… فقد اتضح بأن كل ما قاله الغول لهما كان صحيحا..
فما إن حاولا نزول الجبل، حتى شعرا وكأن جداراً خفياً يدفعهما الى الخلف!!! بل ويصيبهما بآلامٍ مبرحة كذلك..
وهكذا أيقن الاثنان بأنهما قد أصبحا حبيسين لدى هذا الغول المقيت.. وأن مصيرهما معلقٌ بين يديه القبيحتين..
اتجه الغول بعد ذلك الى أطلال قلعةٍ قديمة منصوبة في منتصف قمة الجبل ليرتاح فيها.. تاركاً الفتى والفتاة يتخبطان هنا وهناك، كأنهما فأرانِ صغيران يحاولان العثور على مخرجٍ من هنا فلا يجدانه..
وبعد سلسلةٍ من المحاولات اليائسة، جلس الاثنان ليستريحا تحت إحدى الأشجار وقد أنهكهما التعب..
وبينما هما يفكران بطريقةٍ للخلاص من مأزقهما هذا، إذ أخرج احمد مزماره وأخذ يعزف عليه ليريح أعصابه المتوترة.. فسكنت بدور كذلك وهدئ روعها.. فالتفت إليها الفتى وقال :
هل حقاً تسمعين نغمة الناي؟؟
قالت :بلى..
قال :
فأعيديها عليّ لأتأكد..
أخذت بدور تترنم باللحن الذي سمعته قبل لحظات، فاستيقن الراعي بأن بدور كانت بالفعل تسمع صوت عزفه، فقالت هي له :
لماذا أنت مستغربٌ من كوني أسمع عزفك..
تردد هو قليلاً ثم قال :
عندما أخبرتيني عند الغدير أنكِ تسمعين صوت عزفي، أدركتُ حينها أنكِ فتاةٌ إستثنائية.. لهذا السبب لحقت بكِ الى هنا ولم أتخلى عنكِ..
فهذا المزمار الذي أحمله هو مزمار عجيب.. لا أحد يتمكن من العزف عليه أو سماع ألحانه سوى…….
وفي تلك الأثناء.. قاطعهما الغول بظهوره المفاجئ حيث قال لهما بصوته البطيئ :أنا جائع… وقد حان وقت الطعام…..
قصص وحكايا العالم الاخر ” واقعية ”