مقالات

قصة يوم دراسي : محمد حافظ

مع الفجر وقبل شروق الشمس ، اصحو من النوم جاهزاً في هندامي فهو هندام لكل المناسبات والظّروف … امسك ابريق الماء بيدي اليمنى واسكب منه على راحة يدي اليسرى فأغسل وجهي بما تيسر من الماء … ادس قدمي العاريتبن في حذائي ، ثم تناولني امي ما قد يتيسر من القروش فأدسها في جيبي ، وفي كيس من القماش احفظ كتبي ودفاتري فأعلّقه على كتفي ، وفي كيس آخر تضع لي امي بيضة مسلوقة ، او حبة بطاطا مشوية ، وربما قطعة من جبن مع حبات من الزيتون وكسرة خبز ، وصرّة صغيرة بها ذرات من الملح ..
كنت وأصحابي لم نزل اطفالاً في بداية المرحلة الإعدادية ، نقطع صباح كل يوم قرابة الستة كيلومترات مشيا على الاقدام ، باتجاه مدرستنا في القرية المجاورة … وعند نقطة بعينها بالقرب من المدرسة وقبل الوصول إليها نخبيء زادَنا في جرف زيتونة او ندسّه في الفراغات بين السّلاسل الحجرية المحيطة بكروم اللوز والزيتون ، ثم نتجه فورا الى طابور الصباح المدرسي …
تمرُّ بنا ساعتان أو ثلاث ، فيعلن الجرس عن الإستراحة الصباحية .. نتجه فوراً إلى حيث خبّأنا زادنا ، نخرجه من مخبأه ، ولم نكن نُفاجَأ أن يجدَ أحدُنا زاده مبعثرا نتَفاً وفتاتاً ، فندرك حينها بأنّ الهوام او بعض القطط أو الكلاب السّائبه قد زارت المخبأ … وهكذا نفرد ما تبقى لنا من الزّاد فنلتهمه في دقائق ، ثم نعود مع قرع الجرس ايذانا بالعودة الى قاعة الدرس، فنبقى حتى انتهاء الدوام الدراسي لنعود بعدها سيراً على الأقدام إلى قريتنا …
وهكذا كل يوم على مدار السنة الدراسية صيفاً وشتاءً ..
كان هناك دائماً خيارٌ آخرَ وهو السّكن في قرية المدرسة ولكن ذلك سيفرض علينا – علاوة على فروضنا المدرسية – واجب الكنس والغسل والطبخ بالإضافة إلى أجور السّكن .. لذلك كنا نفضّل الذّهاب والإِياب يوميا الى مدرستنا رغم القساوة والمشقة التي نُكابدها ..
لقد احببنا طريقة عيشنا وعشقنا معها مدرسَتنا ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق