مقالات

الرُّوحِ وَالْجَسَدِ / نضال علي الحسين

جَلَسَتْ عَلَى الْكُرْسِيِّ الْقَرِيبِ مِنْ السَّرِير الْمُسَجَّى عَلَيْهِ . . . .
رَاحَت تَرَقَّب حَرَكَاتِه . . . .
يُحَدِّق فِيهَا بغصة . . . . . .
حَتْمِيَّةٌ الْفِرَاق . . . .

كَأَنَّه يَتَوَسَّلُ إلَيْهَا إنْ لاتتركه . . . . . يُغَادِر بَعِيدًا إلَى الْمَجْهُولِ وَحِيدًا . . . .

لَم تَهْتَمّ كَثِيرًا لمشاعره . . . .
كَانَ الْأَمْرُ بِالنِّسْبَةِ لَهَا مَحْسُوم . . . . .

ك . امْرَأَة تَطْلُب الطَّلَاقِ بَعْدَ أَنْ اسْتَنْفَذْت كُلَّ سُبُلِ الْوِصَال .

هَكَذَا كَانَ يَبْدُو الْمَشْهَد . . . .
الْكُلُّ مِنْ حَوْلَهُ يَنْظُرُونَ إلَى وَجْهِهِ والدموع تَنْسَاب مِنْ عَيْنِهِ الْيُسْرَى أَكْثَر . . . .

لَا أَحَدَ يَعْلَمُ لماذ . . . .
لَا أَحَدَ يَسْأَل لِمَاذَا . . . .
رُبَّمَا لِأَنَّهَا مِنْ جِهَةِ الْقَلْبِ . . . .
مِسْكِينَة آيَتِهَا الْعَيْن . . .
الْقَلْب يَحْزَن وَأَنْتَ مِنْ يَبْكِي . . . . الْقَلْب يَفْرَح وَأَنْتَ مِنْ يَبْكِي .

كَانَتْ آخِرَ كَلِمَاتِهَا إلَيْه . . . .
اُنْظُر . . . .
بَعْضُهُم يَتَجَمَّع حواليك . . . . وَبَعْضُهُم بَعِيدٌ عَنْك . .

إنَّك تَعْلَمُ . . . . أَكْثَرُهُم لَمْ يَسْأَلْ عَنْك يَوْمًا
وَلَم يَكْتَرِث إلَيْك . . . . .

~لماذا . . . تعاتبيني الْآن . . . . .

وَأَنْت تَعْلَمِين إنَّنِي لَمْ أعُدْ قَادِرٌ حَتَّى عَلَى السُّؤَالِ . . . .

أتظن أَنَّهُم يبكونك . . . . . أَبَدًا يَبْكُون أَنْفُسِهِم . . . .
فَأَنْت بِالنِّسْبَةِ لهِمْ مَيِّتٍ مِنْ زَمَانٍ . . . .

مُنْذ تِلْكَ اللَّحْظَةَ
أَتُحِبُّ أَنْ أُذَكِّرَكَ بِهَا . . . . .

لَا . . . .

~سأتركك لترتاح . . . . سَأَخْرُج بِلَا عَوْدِه بِلَا وَدَاعٍ . . .

أَبَقِي قَلِيلًا . . . . .

~لا يُمْكِنَنِي . . . . لَقَد أُمِرْت بِالرَّحِيل . . . .
وَدَقَّت سَاعَة الِانْطِلَاق . . .

هَل سنلتقي . . . .

وَدَاعًا أَيُّهَا الْجَسَد الثَّقِيل الْمُثْقَل بِالْهُمُوم بالمشاكل لَقَد اتعبتني طِيلَة تِلْكَ السِّنِينَ . . . لَمْ تَتْرُكْ لِي خِيَارًا لِلْبَقَاء مَعَك .

وَدَاعًا أَيُّهَا الرَّفِيق . . . . .

صَاح الْجَمِيع . . .
لَقَدْ مَاتَ . . . . لَقَدْ خَرَجْت رُوحُهُ . . . .

إكْرَام الْمَيِّت دَفْنِه .

~هل سَمِعْتَهُم مَاذَا قَالُوا . . . . . .

قَالُوا . . . . إكْرَام الْمَيِّت دَفْنِه . . . . .
لَك أَنْ تُتَخَيَّل . . . . .
أَنَّهُمْ لَمْ يلفظوا اسْمُك . . . . . . وَيُرِيدُون التَّخَلُّص مِنْك . . .

إكْرَام الْمَيِّت . . . . لَمْ تَعُدْ وَاحِدًا مِنْهُمْ . . . . كَمَا لَوْ أَنَّك لَمْ تَكُنْ قَبْلَ دَقَائِق أَبُو فُلَانٍ . . . . أَبُوهُم . . أَخُوهُم . . . زَوْجِهَا
كُلُّهَا انْتَهَت وَصَار اسْمُك الْمَيِّت . . . . سَاعَتَان وَيُصْبِح اسْمُك الْمَرْحُوم .

وَدَاعًا . . .
اذْهَبْ إلَى حَيْثُ خُلِقَت . . . .
مِنْ تُرَابٍ وَإِلَى التُّرَاب . . .
دَعْنِي وشأني فَلِكُلّ مِنَّا حَيَاتِهِ مِنْ جَدِيدٍ . . . .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق