مكتبة الأدب العربي و العالمي
يحكي أنه كان يوجد رجل في بني اسرااائيل كان عابدا زاهدا يقال له “برصيصا”
يحكي أنه كان يوجد رجل في بني اسرااائيل كان عابدا زاهدا يقال له “برصيصا” وقد تعبد في صومعته 70 سنة لم يعص الله فيها طرفه عين، حتى أن إبليس قد تعب وسئم منه، فجمع ابليس له مردة الشياطين فقال: الا اجد منكم من يكفيني امر برصيصا؟ ، فقال أحدهم أنا اكفيك امره ؟
فانطلق هذا الشيطان وتنكر بزي راهب وحلق وسط راسه حتى أتى صومعه “برصيصا” فناده لكن برصيصا لم يجبه لأنه لم يقطع صلاته في أي يوم من الايام، فلما رأى الشيطان أن برصيصا لا يجيب أقبل على العبادة بجانب برصيصا، فلما انتهى برصيصا من صلاته رأى الراهب “الشيطان” يصلي بهيئه حسنة فسأله برصيصا ما حاجتك ؟ فأجابه الراهب “الشيطان” أن اكون معك فأتأدب بأدبك وأقتبس من عملك ونجتمع على العبادة، فوافق برصيصا وبعد ذلك اخبره الراهب “الشيطان” أن لديه كلمات يشفي بهن الله المريض والمبتلي والمجنون فتعلم برصيصا منه هذه الكلمات.
ثم ذهب الشيطان إلى إبليس فسأله إبيلس ماذا فعلت به ؟ فرد الشيطان والله قد اهلكته وما هي الا ايام فقط حتى ذهب هذا الشيطان الى رجل آخر وخنقه فأخذ الرجل يتأوه من شده الألم فتنكر هذا الشيطان على هيئه رجل وقال لأهل الرجل أن صاحبكم قد جن هل تريدوني أن أعالجه ففرحوا الأهل واجابوه بنعم، ثم أخذ يتفحصه قليلا فقال لأهله أن ابنكم به جنيّة ولم اقدر على اخراجها ولن يقدر غير شخص واحد على اخرجها واسمه برصيصا انه يعلم اسم الله الاعظم.
فذهبوا به الى برصيصا ودعا بتلك الدعوات التى علمه الشيطان إياها فذهب الشيطان عنه، وقد استمر هذا الشيطان بهذه الافعال يخنق الناس ويرشدهم بعد ذلك الى برصيصا ليعالجهم، ثم ذهب الشيطان الى ابنة ملك من ملوك اليهود ولها ثلاثه أخوة فخنقها وعذبها ثم تنكر لهم في صورة رجل طبيب ليعالجها.
فقال لأهلها إن شيطانها مارد لا يطاق ولن يقدر عليه غير شخص واحد يقال له برصيصا، ولكن بشرط ابنو صومعة بجانب صومعته وقولوا له إن ابنتنا أمانة عندك إلى أن تشفى واتركوها في الصومعه التي ستبنونها عنده وانصرفوا الى دياركم فإن علاجها سيستغرق وقتا، فوافق أهلها وهم من الملوك فسألوا برصيصا بحاجتهم فرفض ذلك بشدة لكنهم لم يصغوا إليه وبنوا صومعه بجانب صومعته وتركوا ابنتهم ورحلوا.
فلما فرغ من صلاته ذات يوم رأى الجارية وما بها من جمال لكنه رجع إلى صومعته وأخذ يصلي، وبينما هو في صلاته جاء الشيطان وخنق الجارية فأخذت في الصياح فقطع صلاته ودعا لها فذهب عنها الشيطان، فرجع برصيصا الى صلاته فجاءها الشيطان مرةاخرى وقطع برصيصا صلاته واخذ يدعو لها.
فوسوس الشيطان له: ويحك ! واقعها فما تجد مثلها ابدا ثم بعد ذلك تتوب فلم يزل يوسوس به حتى واقعها فحملت منه وظهر حملها، فقال له الشيطان أقتلها ثم تتوب فلا ينفضح أمرك فإن جاؤك أهلها قل جاءها شيطانها وذهب بها، فقتلها برصيصا ودفنها ليلا لكن الشيطان أخذ طرف ثوبها وابقاه خارج التراب، ثم ذهب الشيطان الى إخوتها في المنام فقال لهم: إن برصيصا فعل بأختكم كذا وكذا وقتلها ودفنها في جبل كذا وكذا.
فجن جنونهم وذهبوا الى برصيصا قفالوا له ماذا فعلت بأختنا ؟ فقال: ذهب بها شيطانها وأخذها فصدقوه وانصرفوا، ثم جاءهم الشيطان في المنام مره أخرى فقال لهم: إنها مدفونه في وضع كذا وكذا وإن طرف ردائها خارج التراب، فانطلقوا الى ذلك المكان ووجدوا جثة أختهم، فهدموا صومعته وانزلوه وحملوه إلى الملك فأقر برصيصا على نفسه فأمر الملك بقتله صلبا.
فلما صلب أتاه الشيطان وقال له أتعرفني؟ فقال برصيصا: لا والله ، فقال الشيطان: أنا صاحبك الذي علمتك الدعوات ؟ اما اتقيت الله ؟ اما استحيت وانت اعبد بني اسرائيل ثم لم يكفك صنيعك حتى فضحت نفسك وأقررت على فعلتك وفضحت اشباهك من العبّاد إن مت على هذه الحالة فإن الناس لن يصدقوا جميع الراهبين والعبده امثالك، فقال برصيصا : ماذا أفعل وكيف اصنع؟ .
فقال له الشيطان تطيعني في خصلة واحدة وانجيك من هذا كله، فقال له برصيصا: وما تلك الخصلة؟، فقال الشيطان: أن تسجد لي سجدة واحدة، فقال له برصيصا حسنا وسجد له من دون الله ، فقال الشيطان: يا برصيصا هذا ما اردت منك فكان عاقبه أمرك أنك كفرت بالله رب العالمين وأنا برئ منك إلى يوم الدين فأنا أخاف الله رب العالمين.