اقلام حرة
د.عيسى: الفكر التربوي لدينا.. تراجع ونقص بالابحاث والدراسات
لفت الدكتور حنا عيسى، الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، الى أهمية دراسة الفكر التربوي لدينا في فلسطين، مشيرا لوجود تراجعبمستوياته، وعدم ملائمة المناهج بسبب الاحتلال القائم،ولنقص الأبحاث والدراسات حول الاهداف التربوية،خصوصاً فيما يتعلق بدراسة مخرجات عملية التعلموالتعليم“.
وقال، “دراسة الفكر التربوي تعمل على تشكيل الوعيالسياسي، وتبني استراتيجيات تعليمية، ويشجع الأفكارالإبداعية والتحفيز على ابتكار أفكار جديدة ومشاريعريادية، ويمنح المعلم رؤية نقدية لتطوير العمل التربوي، ويقوم بتعيين المعلم لتكوين مفاهيم سليمة للتقدم، ويساهم في تفسير مسائل التعليم المعاصر في ضوء التطور“.
وأضاف عيسى: “بفهم الفكر التربوي، يفهم المعلم مسؤولياته بدراية ووعي، ومن خلاله نعلم المبادئ والقيم التي أنتجها المفكرون، ويكون هناك التحليل والتخطيط للمستقبل، وإثراء لقدرات المعلم، واكتشاف للعلاقة بين التربية والجوانب الحضارية، ويكون الفكر لا جنسية ولا وطن له”.
وأوضح، “هناك أربع اتجاهات فكرية في التربية، الأول هو الاتجاه المثالي، وهنا الغاية من التربية هو السمو الروحي. والثاني، هو الاتجاه الواقعي، حيث التربية مقرها المدرسة والتواصل مع المجتمع الخارجي. الثالث هوالطبيعي، وفيه طبيعة الإنسان تبدأ بالطفل وهي طبيعة خيرة. وأخيرا، الاتجاه العملي، والتربية به تعتمد على التجارب التي يمارسها الطلاب تحت اشراف المعلم”.
واستعرض عيسى، طرق دراسة الفكر التربوي، “هناكالطريقة الطولية، وفي هذه الطريقة لا يقتصر الدارس على بلد من البلدان، وإنما يعنيه في المقام الأول أن يتتبع تطور الفكر التربوي حول قضية معينة عبر العصور المختلفة ومدى مسايرته للتطور الحضاري الإنساني“.
وأستطرد، “وهناك الطريقة العرضية، وبها يتم النظر إلى الفكر التربوي ككل داخل السياق الثقافي الحاكم للمجتمع الذي تتم دراسته، حيث تـتـقـيـد هذه الطريقة بتناول حركة الفكر التربوي في مجتمع معين في فترة زمنية معينة دون بقية المجتمعات الأخرى أو الخروج بها إلى زمن آخر“.
ولفت عيسى “يوجد عوامل وقوى مؤثرة في الفكر التربوي، تتمثل بالعامل الديني، والجغرافي (المناخ والتضاريس)، والسياسي (مفهوم المواطنة، وتكافؤ الفرص لتعليمية، والحراك الاجتماعي)، وعامل اللغة (المفاهيم والأهداف التربوية تصاغ بلغة تلقى رواجاً، وقوة الأفكار واستمرارها يتوقف على اللغة المكتوبة بها،وتوجهات الفكر هنا تعتمد على تأثير اللغة مثل اللغة العربية)، والعامل الاقتصادي، والموقف من علاقة الفرد بالمجتمع“.
ونوه، “بعض العوامل تؤدى إلى الخلط في المفاهيم التربوية، منها شيوع الاستخدام العمومي للعديد منهافي الحياة اليومية، وتداخل وجهات النظر عند طرح المعاني المقصودة منها، وندرة الرجوع إلى النظريات العلمية والتربوية التي توصلت إليها البنية المعرفية للعلوم التربوية والنفسية“.
وتابع، “من العوامل تعدد نوعية الأفراد المستخدمين لهذه المفاهيم في المؤسسات الاجتماعية، والتطور العلميالسريع في ميدان البحوث التربوية الذي وصل إلى درجة متقدمة من جودة البناء المعرفي، والاختلاف في استخدامهذه المفاهيم من فترة زمنية لأخرى“.
وقال عيسى، “حيوية الفكر التربوي تعتمد على مدى تأثير هذا الفكر في المجال التطبيقي في أكثر من موقع، ومدى تعبيره ومتطلباته، وملاءمته لظروف المجتمع المختلفة“.
وأضاف، “لا بـُدّ للتربية من فلسفة توجهها وتحدد معالمها وسبلها، والفكر أمر خاص بالإنسان لأنه يتعلق بالعقل، فهو نتاج العمليات العقلية للإنسان، فالفكر عند العالمين (بيلور، ديلوز) هو (عملية خلق مفاهيم فرضيات بين ما هو آت، وما سيأتي وما هو متوقع حدوثه).
واستطرد عيسى، “اما اليونان القدماء فالفكر لديهم هــو إيثار الحكمة، والحكمة هـــي العلم الذي يبحث بالحقائق والمبادئ المتصلة بالكون والحياة الإنسان، ويعتبر فلاسفة اليونان هم أول من استعمل كلمة الفكر، وهو ليس جدل نظري بل هو علم ذات منهج. وأول من استخدمه من العلماء (فيثاغورس) أو (هيرودوتس).
وقال، “الفكر هو فعل إنساني يقوم على الإدراك والتأمل والاستنتاج والقدرة على الاختيار في المسائل والمشكلات بعد الملاحظة والقياس أو مجرد التأمل. اما الفكر التربوي فهو دراسة آراء المفكرين والمربين فيما تركوه فيمؤلفاتهم، بما يتعلق بالعملية التعليمية وفلسفتها وأهدافها ووسائل تحقيق هذه الأهداف“.