ثقافه وفكر حر
رواية ” المطلقة ” لجميل السلحوت: احتفاء بالرواية أم بالكاتب؟! بقلم : شاكر فريد حسن
عن مكتبة كل شيء في حيفا، لصاحبها الناشر صالح عباسي، صدرت قبل أيام رواية ” المطلقة ” للكاتب المقدسي المخضرم جميل السلحوت، وتقع في 192 صفحة من الحجم المتوسط، وصمم غلافها الفنان التشكيلي محمد نصر اللـه، وقام بالإخراج والمونتاج شربل إلياس، وهي استكمال لروايته ” الخاصرة الرخوة “، الصادرة هذا العام وعن دار النشر نفسها ايضًا.
وأهمية هذه الرواية تكمن في أنها تطرح موضوع حساس للغاية، وتتناول مسألة اجتماعية مؤرقة، الطلاق الذي انتشر واستشرى واستفحل بصورة كبيرة ونسبة عالية في مجتمعنا العربي الفلسطيني، وتعري مظاهر الجهل والتخلف المجتمعي.
وهي رواية تنصف المرأة وتدعو إلى التخلص من العادات والتقاليد البالية التي تكبلها وتحاصرها، وتغيير النظرة السلبية الدونية السائدة تجاهها ووقف النزيف الذي ينخر في جسد وخاصرة مجتمعنا، ورفع الضيم والظلم والقهر والاجحاف بحق المرأة عمومًا، والمطلقة بشكل خاص.
وتظهر الرواية تعامل مجتمعنا مع المطلقة كبضاعة منتهية الصلاحية، وتكشف عورة الدجالين والمشعوذين الذي يعملون بدهاء وخبث متسترين بغطاء الدين، والدين منهم براء، لتحقيق غايات وأهداف ومصالح شخصية ومآرب دينية ودنيوية.
والرواية مكتوبة بأسلوب سردي وصفي مشوق، وبلغة أدبية رشيقة واضحة، بعيدة عن التعقيدات، وموجهة لكل الفئات العمرية، ويوظف جميل السلحوت مجموعة من الأحاديث النبوية الشريفة والآيات القرآنية والأمثال الشعبية والتراثية التي تدعم موقفه تجاه المرأة وتؤكد حقوقها في الاسلام.
وما أن صدرت الرواية حتى تلقفها القراء والمهتمون بشغف وكأنهم بانتظارها أو على موعد معها، واحتفوا بها من خلال عدد واسع من المداخلات والقراءات التحليلية والتقريظية التي نشرت في مواقع مختلفة كثيرة.
وباعتقادي أن هذا الاحتفاء هو احتفاء بالرواية والكاتب معًا، فـ ” المطلقة ” رواية إنسانية اجتماعية ودينية هامة ، تدق جدران الخزان بقوة وجرأة فائقة، وتكشف الكثير من الظواهر الاجتماعية السلبية التي تسود مجتمعنا وتعاني منها المرأة عمومًا، وليس المطلقة وحدها، وتتوفر فيها عناصر الرواية الفنية الناجحة وحبكتها قوية وصياغتها متماسكة واسلوبها مشوق، وصاحبها الصديق ورفيق القلم من الزمن الجميل، منذ السبعينات، ابن جبل المكبر جميل السلحوت، له حضوره الدائم القوي وله الاحترام والتقدير الأدبي، يمتلك التجربة الأدبية الثرية والأدوات الفنية الإبداعية، وهو كاتب غزير، مسكون بالوطن وجراحه، ومهموم بقضايا شعبه ومجتمعه، ومثقف نقدي عضوي، يحمل فكرًا مضيئًا مستنيرًا، له باع طويلة في الكتابة الإبداعية الروائية والقصصية والنقدية والتراثية وفي مجال أدب الاطفال، ولذلك لا غرابة في هذا الاحتفاء بروايته وبه كاتبًا مبدعًا مؤمنا بأدب الحياة، وكتاباته في مجملها تنطلق من الرؤية الواقعية النقدية، وهو برأي احتفاء مستحق وعن جدارة. فله خالص المودة وأجمل التهاني بصدور روايته الجديدة ” المطلقة ” متمنيًا له العمر المديد الخصب المكلل بالصحة والعافية والمتوج بالعطاء والأبداع الراقي.