مكتبة الأدب العربي و العالمي

عند طبيب الأسنان (قصّة قصيرة) بقلم عامر عودة

أَدخُل غرفة طبيب الأسنان، فيشير لي بأن أجلس على الكرسيّ الكهربائيّ. أفتح فمي ليعاين الضّرس الّذي يؤلمني، وأتذكّر قول الممثّل دريد لحام في إحدى مسرحياته “بَطَّل الواحد يغدر يفتح ثمّه الّا عند دكتور الأسنان”! فأستَغلّ وجودي عنده وأفتح فمي على وسعه.. يفحص الطّبيب الضّرس ويقرّر قلعه.

يأتي بأبرة المخدِّر ويغرزها عميقًا في اللّثّة بالقرب من الضّرس الّذي يؤلمني. بعد عدّة دقائق، يبدأ مفعول المادّة المخدِّرة ويبدأ الطّبيب عمله. فيأتي بكمّاشة مخصّصة لقلع الأضراس، يمسك بها ضرسي ويشدّ… لكن الضّرس كان قاسيًا وعنيدًا… قاوم وتَشبَّث بمكانه… أخذ الطّبيب بالضّغط والشّدّ عليه أكثر، يمينًا ويسارًا، إلى أعلى وإلى أسفل، لكن دون جدوى. ومن كثرةِ الشّدّ انكسر الضّرس وبقي قسمٌ منه داخل اللّثّة. فأحضر الطّبيب عدّةً جديدةً و”كمّاشات” غريبة الشّكل وأكمل معركته مع هذا الضّرس العنيد لإخراج ما تبقّى منه…

بدأ العرق يتصبّب على وجهِ الطّبيب. وقرأتُ القلق في عينيْه. أمّا أنا فقد أخذ التّعب والخوف منّي مأخذهما، ولم أعد أحتمل إبقاء فمي مفتوحًا أكثر. فبدأتُ أتذمّر وأصرخ لا وجعًا وإنما خوفًا. شعر الطّبيب بقلقي وحاول تهدئتي برسم ابتسامة مفتعلة على وجهه، وتقمُّص الهدوء قائلًا بأنّه سينهي عمله بعد دقائق، فما عليَّ إلّا أن أحتمل قليلًا وأهدأ…

لكنّ الضّرس أبى إلّا أن يعاند الطّبيب، وتشبّث في مكانه أكثر وأكثر، وأبى أن يخرج! فقرَّرَ إجراء عمليّة شقٍّ للّثّة… أمّا أنا فقد أغمي عليَّ من شدّةِ الخوف. ولم أصح إلّا بعد أكثر من نصف ساعة، وكانَ الطّبيب قد أنهى عمله وأخرج هذا الضّرس العنيد. عفوًا غوّار؛ فحتّى عند طبيبِ الأسنان الويل ثمّ الويل لكَ إن فتحت فمك!

(عامر عودة)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق