شعر وشعراء

بين نارين (2) جواد يونس

نرى التعازيْ بديلًا من تهانينا *** ولا تأسِّيَ يشفي مِن مآسينا

يا عيدُ، أدمَيتَ أرواحًا وأفئدةً *** فهل سنَنتَ لنا نحنُ السَّكاكينا؟!

======

يا عُربُ، عُدنا صِغارًا منذُ أن نكأَت *** عمائِمُ الجهلِ فينا جرحَ صِفِّينا

اللهُ سلَّمَنا من نارِ فِتنَتِها *** فأيقَظوها، على جهلٍ، لِتَشويْنا

ما للصِّغارِ وإن يُعجِزكَ عدُّهمُ *** من قُوَّةٍ تردعُ الْصاغوا القَوانينا

فَشِرعةُ الغابِ لا تحمي أرانبَهُ *** من الثَّعالي وإن تُخفِ الطَّواحينا

وليس يفتحُ حوتٌ فكَّهُ أبدًا *** لكَي يُضاحِكُ، في الظُّلماتِ، سَردينا

أمّا الكِبارُ، فكلُّ الخَلقِ ترهبُهم *** إن سلَّموا أمرَهُم من يرفضُ الهونا

إنَّ القروشَ التي الصَّيَّادُ يَرهبُها *** تخشى القطيعَ الذي يَحمي الدَّلافينا

=====

إنّا أكِلنا فما اهتزَّت ضمائرُكم *** واليَومَ يؤكلُ قَومٌ أجِّلوا حينا

كانت فلسطينُ في الأرزاءِ واحدةً *** واليوم كم بلدٍ أمسى فلسطينا!

يا قَومِ، ما كنتُ ممَّن يشمَتونَ، وهل *** في ربعِهم شمِتوا إلا الأضلُّونا؟!

لكن أخافُ على ما ظلَّ من مُدنٍ *** لي أن يحرِّقَها من بزَّ نَيرونا

القدسُ … بغدادُ … صنعاءٌ … طرابلُسٌ *** دمشقُ … بَيروتُ … قد صارتَ براكينا

ولستُ أدري التي في الدَّورِ واقفةٌ *** ولا متى بالأسى الأخبارُ تأتينا

لا أعلم الغَيبَ، لكنَّ اليراعَ لهُ *** عَينٌ ترى الحقَّ لا ما كانَ تخمينا

========

بَيروتُ زقزقةٌ في مَهدِها وُئِدَت *** وكم قتَلنا، بسهمِ الجَهلِ، حَسّونا

فصارَ يضبَحُ بومٌ كانَ مُختبِئًا *** وأطلق الحِقدُ بالنَّعبِ الغَرابينا

لا تعجَبوا من ذُيولِ المعتدينَ على *** أعراضِهم إن تمنَّوا لو يَعودونا

إنَّ العبيدَ، وإن حرَّرتَهم، لإِلى *** مَن كانَ يُشبِعُهم ذلًّا يَحِنّونا

وهل نسينا الألى كانَت بنادِقُهم *** رهنَ الأوامرِ من (بيغِنْ) و(شارونا)؟!

========

ذي صرخةٌ في بلادِ العُربِ أطلِقُها *** فليسَ شِعريَ تخديرًا وتَسكينا

الشعرُ مِنبرُ من باعوا منابرَهُ *** من صيَّروا الدينَ بالتدليسِ أفيونا

حروبُ هذا الزمانِ الوَعيُ قائدُها *** إنّ الجهالةَ من أجنادِ صُهيونا

كم من حرائقَ في الأحشاءِ ما انطفأَت *** واللَّومُ يسكبُ فوقَ النارِ بَنزينا!

ومن يلوموا عُيونَ الشعرِ نازِفَةً *** رشّوا على جُرحِها مِلحًا ولَيمونا

لا يبعثُ الشِّعرُ مَن ماتوا، ومَن شبِعوا *** ذُلًّا فصاروا عبيدًا عندَ والينا

لكنَّهُ يُرجِعُ الآمالَ لو نَخِرَت *** عِظامُها، وطُموحًا كانَ مَدفونا

ويُطلِقُ المارِدَ المَنسيَّ قُمقُمُهُ *** كم ماردٍ كانَ، في النِّسيانِ، مَسجونا!

ويرتقُ الخَرقَ في حُلمِ الألى عبَروا *** أحلامَهم بالتَّفاني لا ابنِ سيرينا

الظهران، 7.8.2020 جواد يونس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق