اخبار اقليميه

مصر توظف قواها الناعمة في نزع فتيل الأزمات الطائفية من الشرق الأوسط

دعا شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب إلى إعادة إحياء “العلاقة الأزلية بين الدينين الإسلامي والمسيحي” قبل التفكير في إشاعة السلام بين الشرق والغرب.

جاء ذلك خلال لقائه أسقف الكنيسة الإنجيلية في برلين وبراندين بورغ ماركوس دروغه، أثناء زيارته إلى ألمانيا اليوم، (18 04 2016)، والتي قال عنها شيخ الأزهر الشريف إنها تهدف إلى تأسيس علاقات الصداقة بين علماء الدين الإسلامي ورجال الدين المسيحي.
الأزهر الشريف، أكبر وأعرق مؤسسة دينية وتعليمية في العالم الإسلامي، أسند إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مهمات ترتبط بتصحيح الصورة المغلوطة عن الإسلام، بعد ظهور جماعات إرهابية بنحو رأى فيها بعضهم تمثيلا لجانب من العقيدة الدينية للمسلمين.
وهو الأمر، الذي انطلقت معه مساعي المؤسسات الدينية في مصر لتصحح الخطاب الديني، ولتُوصل ما انقطع من دعوات إلى الحوار بين أتباع الأديان المختلفة، وتفسح المجال كذلك لحوار بين أتباع الطوائف والمذاهب الإسلامية، بما يفسح المجال بشكل أكبر لتصحيح الصورة المغلوطة عن الإسلام أمام العالم من جهة، ومن جهة أخرى لوأد فتنة طائفية، يمكن أن تتحول إلى حرب لا تبقي ولا تذر.
وكان الرئيس المصري، في خطاب له في مصر، قد شدد على ضرورة القيام بثورة دينية، تصحح المفاهيم، وتزيل الشبهات العالقة بالشريعة الإسلامية؛ ثم دعا في خطاب تالٍ إلى تجديد الخطاب الديني في مصر؛ ثم في ثالث إلى إشراك المثقفين والعلماء من مختلف التخصصات مع المؤسسات الدينية لإدلاء دلوهم في الوصول بالخطاب الديني إلى الشكل، الذي يمكِّن المسلمين من إزالة الصورة الذهنية الخاطئة، التي ترسخت عن المسلمين في الخارج، بحيث وُصف معها الإرهاب بـ”الإسلامي”، رغم أن الإرهاب لا دين له ولا وطن.
صراعات الشرق الأوسط، وأزماته المتلاحقة في كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن وليبيا، وحتى في مصر.. جميعها اتخذت أبعادا دينية وطائفية، ويجري تارة التركيز على الفتنة الطائفية في مصر، وتارة يركَّز على الفتنة المذهبية في كل من العراق وسوريا واليمن ولبنان، وتارة أخرى يجرى استهداف غير المسلمين من المصريين وغيرهم من الجنسيات في ليبيا في زرع لصراع طائفي.
وقد عُرفت المؤسسة الدينية المصرية في العالم أجمع بأنها كانت دائما قلعة للوسطية والتعدد المذهبي. ففي الوقت، الذي يسيطر فيه الفكر الأحادي عادة على الفكر الديني على دعاة الخليج العربي، وكذا الأمر على دعاة المغرب العربي، وكذلك في المذهب الشيعي.. نجد أن تعليم الطلاب في الأزهر لا يكتمل إلا بدراسة المذاهب الدينية كافة. كما تتعدد الأفكار والاجتهادات المطروحة على طلابه، بما يوسع مداركهم، وفهمهم لأهمية الاجتهاد، وتعدد الآراء والأفكار.
وتشهد المؤسسة الدينية المصرية حالة من الاستنفار الكامل في مواجهة قضايا تجديد الخطاب الديني، والثورة الدينية، ومكافحة “الإسلاموفوبيا”. ففي الوقت، الذي أنشأت فيه دار الإفتاء المصرية مرصدا لفتاوى الإرهاب، ومرصدا آخر “للإسلاموفوبيا”، فإن مفتي مصر زار البرلمان الأوروبي قبل شهرين، وألقى خطابا مهما عن الإسلام، لاقى قبولا واسعا. كما نجحت دار الإفتاء المصرية في ملء مكان واسع في الصحف ووكالات الأنباء العالمية، التي أخذت تُسمع الغرب صوتا عاقلا عن الإسلام، فيما يقوم مفتي مصر حاليا بزيارة إلى الهند، ألقى خلالها خطابا مهما.
ومن نشاط دار الإفتاء نعود إلى زيارة شيخ الأزهر التاريخية الحالية إلى ألمانيا، التي شملت إلقاء خطاب تاريخي في البرلمان الألماني “البوندستاغ”، والذي أعقبه لقاء مفتوح بينه وبين النواب، أجاب خلاله على كثير من القضايا المثارة، وأكد أن المسيحية كانت الحاضنة الأولى للإسلام.
شيخ الأزهر سيعلن خلال زيارته الحالية إلى ألمانيا، والتي ستعقبها زيارة مماثلة إلى فرنسا الشهر المقبل، عن عودة الحوار الإسلامي-المسيحي بعد توقف دام لنحو خمسة أعوام. وهي الدعوة، التي تتوافق مع مقترح الأسقف الألماني، لتشييد بيت للديانات الثلاثة في برلين، والذي أثنى عليه الشيخ الطيب، مؤكدا استعداد مؤسسة الأزهر لتقديم كل الدعم اللازم في هذا الأمر.
من جهته، يرى رئيس منظمة المؤتمر الإسلامي-الأوروبي محمد بشاري أن الأقليات الإسلامية في أوروبا، التي صدَّرت ما يزيد عن 12 ألف شاب وفتاة للقتال في صفوف “داعش”، ما وقعوا في ذلك إلا لمعاناتهم من غياب المنصات الكافية لتوعيتهم بأمر دينهم.
وأشاد بشاري بالدور الفاعل لشيخ الأزهر ومفتي مصر لتصحيح صورة الإسلام المشوشة لدى الغرب، الذي يتوق إلى معرفة صحيح الدين الإسلامي.
فيما رأى مؤسس الرابطة الإسلامية في ألمانيا الدكتور صلاح الجعفراوي أن زيارة شيخ الأزهر إلى ألمانيا، وقبلها زيارة المفتي إلى البرلمان الأوروبي.. هي زيارات في غاية الأهمية، لتصحيح صورة الإسلام والمسلمين، ومواجهة آلة التشويه المتعمد ضد الإسلام والمسلمين، والتي تصم الإرهاب بأنه إسلامي، وتؤكد أن منبع كل ما يحدث من ترويع للآمنين هو الإسلام.
مساعي المؤسسات الدينية المصرية لتصحيح الخطاب الديني، انطلقت بشكل منضبط إلى الشرق والغرب سعيا لتصحيح الصورة المغلوطة، وإفساح مجال لحوار بين أتباع الأديان والمذاهب، لوأد الفتن الدينية والطائفية والمذهبية.
فهل تفلح تلك الخطوات في التقليل من حجم ظاهرة “الإسلاموفوبيا” المتنامية؟ سؤال تحتاج الإجابة عليه إلى وقت ليس بالقصير.

 

image

مقالات ذات صلة

إغلاق