زيارة نتنياهو لمدينة الخليل واستباحته للحرم الإبراهيمي بحماية جنود الاحتلال وبعض غلاة المستوطنين في المدينة هو تأكيد على الطابع الديني لنشوء الكيان الصهيوني على الرغم من كون تأسيس الكيان العنصري جاء كجزء ايضا من المشروع السياسي الاستعماري حيث التداخل العميق في الأهداف والمصالح بين المشروعين ، المشروع الصهيوني الذي يستقي مفاهيمه وتعاليمه من الرواية إليهودية ولكن تم تسويقه في العالم خاصة في أوربا التي تحررت من سلطة الاقطاع الديني وسطوة الكنيسة على النشاط العقلي بأنه مشروع علماني وذلك كأسلوب تضليلي للدعاية في الحركة الصهيونية ؛والمشروع الاستعماري الغربي القائم على وجود أي كيان غريب في قلب المنقطة العربية مغايرا لنسيجها الاجتماعي الحضاري كي يعمل هذا الكيان المصطنع على منع وحدة شعوبها في اطار قيام دولة قومية واحدة على غرار الدول القومية التي قامت في العالم وذلك بهدف ابقائها في وضع التخلف الحضاري بكافة أشكاله ملحقة كاطراف تابعة للمركز الرأسمالي العالمي والذي سيكون هذا الكيان الغريب من وظيفته السياسية العدوانية الأساسية هي أولا المحافظة على مصالح دول هذا المركز . ..لقد جاء توقيت زيارة نتنياهو إلى مدينة خليل الرحمن وحرمها الإبراهيمي في الوقت الذي فشل فيه جيش الكيان الصهيوني بتسديد ضربة قاصمة لحزب الله الذي كان رده فاعلا على عملية الهجوم الإسرائيلي مؤخرا على الضاحية الجنوبية معقل الحزب بطائرة مسيرة وما يقوم به نتنياهو في هذه الأيام هو في الحقيقة يأتي كجزء من الدعاية السياسية لمواقفه اليمينية المتطرفة ولتغطية حالة الفساد المتهم بها لإرضاء الجمهور الإسرائيلي الذي يغلب عليه الاتجاه العنصري الفاشي اليميني وهذا الأمر يحدث الآن في اطار العملية الانتخابية للكنيست المقررة إجرائها في الشهر الحالي والذي يطمح نتنياهو هذا التي طالت مدة رئاسته لمجلس الوزراء بالفوز في دورة رئاسية خامسة أخرى أمام خصومه السياسيين الأقوياء لتشكيل الحكومة اليمينية المتطرفة القادمة . على مستوى الرد الفلسطيني على ما أقدم عليه نتنياهو من إثارته للمشاعر الوطنية والدينية للشعب الفلسطيني ولشعوب الأمتين العربية والإسلامية فمن المفترض أن يكون الرد الرسمي والشعبي عمليا وقاسيا بعيدا عن بيان الشجب والاستنكار ليتناسب مع هذه الخطوة الإجرامية التي تشكل بداية لإشعال حربا دينيا في المنطقة على غرار الحروب الصليبية التي قامت على أساس العامل الديني فعلى المستوى الرسمى يجب الإعلان عن إلغاء اتفاقية الخليل التي ابرمت بين السلطة والكيان كأحد الاتفاقيات السياسية الجزئية التي تفرعت عن اتفاقية اوسلو وهي اتفاقية كانت لصالح السياسة الاستيطانية والتهويدية التي يمارسها الكيان الصهيوني لهذا جاءت في الحقيقة مجحفة بحق مستقبل المدينة وحياة سكانها حيث فتحت المجال واسعا لتغول ممارسات المستوطنين في المدينة ومضايقتهم اليومية للحياة المدنية فيها على شكل إجراءات جنود الاحتلال القمعية في منطقة المسجد الإبراهيمي ..اما الرد على المستوى الشعبي فمن المفترض ايضا أن تواجه هذه الخطوة الاستفزازية العدوانية بهبة شعبية واسعة لما لمدينة الخليل من أهمية كبيرة في الخارطة السياسية الفلسطينية كونها أحد معاقل الوطنية الفلسطينية العريقة التي انطلقت منها ثورة البراق وايضا لكون ما حدث فيها من استباحه هو عدوان صارخ على الحقوق الوطنية لأنها كباقي أراضي الضفة الغربية هي جزء من الدولة الفلسطينية العتيدة القادمة حسب مشروع حل الدولتين الذي يحظى بإجماع دولي. .ان إطلاق شرارة انتفاضة ثالثة في عموم الضفة الغربية المحتلة كما حصل حين قام شارون بزيارة الأقصى هو الرد المطلوب لأن مرور ما حدث في الخليل وما صرح به نتنياهو أثناء ذلك حيث أكد على بقاء اليهود في المدينة إلى الأبد ..مرور ذلك دون القيام بفعاليات شعبية عارمة هو تشجيع للساسة الإسرائيليين اليمينيين من قادة الأحزاب ومن غلاة قطعان المستوطنين من الحاخامات ورجال الدين الصهاينة العنصريين الذين يحملون في نفوسهم الخبيثة كراهية متأصلة حاقدة مختزنة في ذاكرتهم الجماعية ومتجذرة في وعيهم السياسي والديني ضد العرب والمسلمين بالقيام بمثل هذه الزيارات العدوانية التحريضية ذات الطابع الديني الصارخ إلى المدينة وغيرها من الأماكن المقدسة التي يعتبرها اليهود جزءا من عقيدتهم الدينية التوراتية والتلمودية الخرافية…