فلسطين تراث وحضاره
“الفسيخ” طبق يعشقه أهل غزة صباح عيد الفطر
“الفسيخ” طبق يعشقه أهل غزة صباح عيد الفطر
يقبل معظم الفلسطينيون، في قطاع غزة، على تناول وجبة السمك المملح المعروف محليا باسم “الفسيخ”، في صبيحة أول أيام عيد الفطر، فيما يحذر أطباء وخبراء تغذية من الإفراط في تناوله، لتسببه في العديد من المشاكل الصحية المرتبطة بارتفاع نسبة ملوحته وطريقة تخزينه.
ويعد طبق “الفسيخ”، من أهم الأكلات الشعبية، التي تزين موائد الغزّيين في صباح يوم العيد كعادة توارثوها منذ القدم، ويحرصون على تحضيره ويرافقه دومًا طبق الطماطم المقطعة والمقلية، والمضاف إليها الفلفل والبصل.
يقول الفلسطيني، إبراهيم بصل (30 عاما): إن عائلتي “اعتادت منذ سنوات على تناول الفسيخ في إفطار أول أيام عيد الفطر”. ويضيف: “وجبة الفسيخ رئيسية، وإن لم تتواجد لا نشعر بأجواء حقيقية للعيد”.
ولا يمكن أن يمر عيد الفطر على الفلسطينية، سمية الخضري (45 عاما)، دون أن تشتري “الفسيخ”. وتقول السيدة”: “لا عيد بلا سمك الفسيخ المملح، الذي يعد من الوجبات الرئيسة في عيد الفطر”.
وتضيف: “لم يمر علينا عيد منذ صغري، دون أن أتناول طبق الفسيخ والطماطم”. وتابعت: “الفسيخ من النكهات الجميلة التي ورثتها عن الآباء والأجداد”.
و”الفسيخ” عبارة عن سمك مملح يتم تخزينه بعيداً عن الهواء الطلق لمدة شهر أو يزيد حسب نوعه، ويعد سمك “البوري” و”الجرع” الأكثر استخدامًا في صنعه، وتعود أصول تلك الوجبة إلى الفراعنة المصريين، والتي ما زالت تؤكل لدى المصريين إلى الآن أثناء احتفالهم بيوم “شم النسيم” (عيد الربيع).
ويقول أيمن الطباطيبي (45 عاما)، صاحب متجر لبيع “الفسيخ” في أحد أشهر أسواق غزة: “إن معظم سكان مدينة غزة يقبلون على الأسواق ومحلات الأسماك لشراء الفسيخ في آخر أيام شهر رمضان لتكون وجبتهم الرئيسية للفطور في عيد الفطر”.
ويبيّن، أن “الفسيخ” له أنواع مختلفة، “فمنها ما هو مصنوع من أسماك (البوري) و(الجرع) و(السردين) و(الرينجة) ولعل أجودها المصنوع من (البوري)”، بحسب قوله.
ويضيف: “جهزت قبل شهر رمضان ما يقارب 600 كيلو غرام من السمك لبيعه فسيخا، وبحمد لله لم يبق منه إلا القليل”. ويوضح أن سعر كيلو الفسيخ في موسم عيد الفطر يبلغ 20 شيكلا إسرائيليا (حوالي 4 دولارات أمريكية).
وحول طريقة تحضير “الفسيخ” وفقا للطريقة الفلسطينية، يقول “الطباطيبي”: إن “تحويل السمك إلى فسيخ يتم من خلال تتبيله بكميات كبيرة من الملح الخشن، وبهار الكركم الذي يمنحه لوناً أصفر، ثم يخزن لمدة ثلاثة أشهر أو أقل حسب نوع وحجم السمك، وخلال تلك الفترة يتم تجديد الملح ثلاث مرات”.
ورغم الإقبال المتزايد من الفلسطينيين على تناول “الفسيخ”، إلا أن خبراء تغذية وأطباء يحذرون من تناوله بشكل كبير في أول أيام العيد لما له من مخاطر كبيرة قد تسبب مشاكل صحية تتكرر كل عام، تتمثل في سوء الهضم، والحموضة في المعدة، والدوار، وارتفاع الضغط لدى المسنين والنساء الحوامل.
وينصح الطبيب عدلي سكيك، مدير دائرة التغذية في وزارة الصحة الفلسطينية بغزة، بعدم الإفراط في تناول “الفسيخ” في أول أيام عيد الفطر، نظرا لملوحته الشديدة، وطريقة تحضيره التي تجعله عرضة لحمل أنواع خطيرة من البكتيريا.
ويقول “سكيك”: “إن هناك الكثير من أنواع الفسيخ الفاسدة تحتوي على بكتريا لا هوائية خطيرة، تنتج عن عدم تخزينه بشكل صحيح مما يسبب الكثير من حالات التسمم لدى المواطنين”.
ويضيف: “الفسيخ يسبب الكثير من المشاكل الصحية، مثل ارتفاع ضغط الدم، وزيادة نسبة الملوحة في الجسم، والدوار، والحموضة، كما يمثل خطرا كبيرا على الأطفال والنساء الحوامل، ولا يعد كما يعتقد الكثير من الناس أن تناوله بشكل كبير مفيد للجسم بعد صيام شهر رمضان”.