بينما كان “الأصمعي” رحمه الله في طريقه إلى مكة لحج بيت الله الحرام ، خرج عليه قاطع طريق ، قائلا له : «قف ، من أنت ؟!!».
قال له: «أريد حج بيت الله».
وسأله قاطع الطريق الذي يريد سرقته عن عمله.
فقال “الأصمعي” : «أُحفّظ أولاد المسلمين القرآن».
قال له قاطع الطريق : «اقرأ علي القرآن».
فقرأ عليه قوله تعالى : {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ}.
فقال الأعرابي قاطع الطريق : «أهذه الآية في القرآن ؟!!».
فما كان منه إلا أن رمى الخنجر والسكين على الأرض ، ثم قال : «ضمن لي رزقي في السماء وأنا أعصيه في الأرض !! والله لا أعصيك بعد اليوم أبدا يارب».
وأكمل “الأصمعي” طريقه إلى بيت الله الحرام.
وذات ليلة بينما يطوف بالبيت وجد رجلًا قد أخذ ركنًا من أركان البيت ويعلو صوته بالنحيب والبكاء ، ويقول :
«يارب أقبلت توبتي فأهنئ نفسي ، أم رددتها علي فأُعزي نفسي ، أنا واقف بجنابك ، ألوذ برحابك ، فلا تطردني من بابك».
فتمنى” الأصمعي” أن يكون في إخلاص هذا الرجل لله ، وعندما إقترب منه قال له : «هل أنت قاطع الطريق؟!».
قال : «نعم».
فقال له الرجل: «وهل أنت من قرأت علي {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُون}».
قال : «نعم».
قال: «إقرأ علي مرة أخرى».
فقرأ عليه “الأصمعي” : {فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْض إِنَّه لحق مثل مَا أَنكُمْ تنطقون}.
وعندما سمع قاطع الطريق التائب هذه الآية ، قال : «من الذي أغضب الجليل حتى جعله يقسم».
وما هي إلا لحظات وفاضت روحه إلى بارئها.
ثم رآه “الأصمعي” في المنام ، فقال له : «كيف حالك بعد لقاء الله ؟».
قال له : {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا}.
فسبحان من يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون .
————
– من كتاب : ( الإبهاج في شرح المنهاج ){
إذا أتممت القراءة فصل على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم