مكتبة الأدب العربي و العالمي

##قرية_وادي_العفاريت الجزء ٢

ضجّ العمال والناس بالضّحك منهم لشدّة غبائهم ،وإنتشر خبرهم العجيب إلى أن وصل إلى مسامع الدّندكي الذي اغتاظ، ولم يصدّق ما حصل ،وخرج بنفسه لمشاهدة أهالي قرية الجنّات ، فأستقبلوه صفّا واحدا يتقدّمهم الشّيخ المسن وكل واحد منهم يضع سلته أمامه والاخشاب بداخلها والناس مجتمعين حولهم يتعجّبون من تصرّفهم ويتطلعون إلى ما سيصنعه الدّندكي معهم . ومر الأمير عليهم واحدا واحدا ،وعيناه تتفحصّان السلال تارة و وجوههم تارة أخرى عله يرى عليها امارات المكر أو الخداع إلى أن تجاوز نهاية الصف ،فأستدار راجعا وقال متسائلا: ويحكم ما الذي أحضرتم لنا في السّلال؟ هل أنتم حمقى، أم تحاولون خداعي ؟ فتقدم الشّيخ المسن نحوه وأجاب: معاذ الله يا مولاي و إنما نحن عبيدك ولقد أحضرنا لك ما طلبته والأخشاب أمامك ،.وكان الشيخ يتكلم وهو ثابت البنان رغم نظرات الأمير الغاضبة التي تتفحص وجهه ،ولم يحس الدندكي بشيئ يفضح ما في نفس الشّيخ ،بل كن واقفا وكأنه ينتظر كلمات الشكر والثناء منه على تلبية طلبه وتوفير حاجته من الاخشاب ..
فعاود الدندكي سؤاله بنبرة أكثر حدّة هل هذه هي الاخشاب التي طلبناها؟ .. قال ذلك وتناول احداها، واخذ يقلبها ويتأملها. فأجابه الشيخ: نعم وقد اخترناها من خيرة ما في الغابة، فضاق صدر الأمير ،وقال : بالله عليك ألم تلاحظ أنها قصيرة ولا تصلح للبناء ؟رد الشيخ ،وكأنه كان ينتظر ذلك السؤال : إنما فعلنا ذلك لتصلك بسرعة فأمرك نافذ مثل السيف وببركة مولاي فستطول الأخشاب ،ومن قدر أن ييمنع قلعة المنصورة من التحليق قادر أن يجعل خشبه أكثر طولا ،صمت الدندكي ،ولم يكن يتوقع أن يقول الشيخ ذلك ولما نظر حوله وجد العمال والحاشية يرمقونه ،وأحس أنه في موقف محرج ،وكره أن يستنقص الناس من قيمته بعد أن مدحه الشيخ وأثنى عليه ،فقال له أحسنت صنعا ،فلقد أرضيت مولاك ولم تتركه ينتظر وأما االأخشاب فسأدعوا الله أن تتجمع قطعها وترجع إلى حجمها االذي كانت عليه ثم نظر إلى رئيس البنائين وقال له أليس كذلك يا عثمان ،فلم يجد ما يقوله وهز برأسه ،وهو يلعن نفسه على المأزق الذي أوقعه الأمير فيه، فسيهر كل الليل لإلصاق الأخشاب مع بعضها بالصّمغ والمسامير ،لتراها الرّعية ،وإلا رأوا رأسه هو معلّقا في باب القلعة .
وقرر الدّندكي القيام بتجربة لمعرفة حقيقتهم ،وأن كانوا حقّا حمقى أم يتظاهرون بذلك فأمر الخدم بافراد جناح خاص لأهالي قرية الجنات يقيمون فيه ،ليتسنى له مراقبته وسماع أحاديثم ،لكن الشيخ كان فطنا وأوصاهم بأن لا يقولوا شيئا عما حصل، ويتصنعوا الرّضى على خدمة سيدهم .ولما حان أوان الغداء أحضر الخدم قصعة كبيرة من العصيدة والتمر، وأعطوهم ملاعق من الفضّة ، فإذا كانوا يخدعونه فسيأكلون بتلك الملاعق الغالية ، وسوف تنقص ولو واحدا ،اذ لا بد وأن يطمع احدهم فيها أو ففهم الشيخ الحيلة وغمزهم بعينه فتركوا الملاعق ،وأكلوا بأيديهم كما يفعل البدو. .ولما إنتهوا من طعامهم وضعوا بعضا من النوى في جيوبهم وقلوا سنزرعها في أرضنا، ولما نأكل منها كأننا أكلنا على مائدة الأمير،ثم رموا الملاعق الفضية وسط القصعة وقالوا بصوت مسموع كيف يأتينا الخدم بملاعق من الحديد ونحن ضيوف الأمير وكان الخدم يراقبونهم من ثقب في الحائط . وبعد إنتهاء الأكل ،حملةا القصعة فوجدوا ملاعق الفضة ملقاة وسط بقايا الطعلم ولم ينقص منها حتى واحد ثم .حضر الدندكي ليتأكد بنفسه من كلام الخدم الذين حكوا له ما رأوه وسمعوه ،ولم يمنعوا أنفسهم من الضّحك..

يتبع الحلقة 3٢

يتبع الحلقة

من قصص حكايات العالم الاخر 3

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق