مقالات
من نفحات يوم الأضحى المبارك) مقالة استثنائية بمناسبة يوم الأضحى بقلم: د. محمد طلال بدران – مدير دار الإفتاء والبحوث الإسلامية)
الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى. وبعد:
بداية تقبل الله منا ومنكم الطاعات وكل عام وانتم بألف خير، ها هو يوم الأضحى قد أطل علينا بنفحاته وبركاته ونحن نعيش ظروفًا استثنائية وشعبنا يعيش نكبة عظيمة فنسأل الله العظيم في هذا اليوم العظيم أن تتحقق آمال شعبنا وطموحاته وأن ينال ما يصبو إليه “إنّه على ما يشاءُ قدير”
– يجسد عيد الأضحى قيَم التضحية والإخلاص والفداء والرحمة، ونحن نستذكر قصة نبي الله إبراهيم وولده إسماعيل -عليهما الصلاة والسلام- يوم أن رأى في منامه أنه يذبح ولده وفلذة كبِده إسماعيل -عليه السلام- تلبية لأمر الله، وبالرغم من الصعوبة البالغة التي جاءت في تنفيذ رؤياه والتي هي على غير الطبيعة او الفطرية البشرية، ولكن إبراهيم -عليه السلام- قد أبدى الطاعة المُطلقة عندما عرف أن الأمر آتٍ من الله، ولمّا أشعر ولده وفلذة كبِده إسماعيل -عليه السلام- بمنامه الذي تكرر أكثر من مرّة لم يتردد هذا الغلام اليافع في قبول ما ينوي هذا الأب المُبتلى أن يفعل عندما يذبح ولده وكلّ ذلك طاعةً مطلقة لأمر الله، ورضًا تامًا بهذا القدَر الغريب العجيب، ولما امتثل الذابح والمذبوخ لتنفيذ الأمر الإلهي وهمّ الأب إبراهيم بذبح ولده إسماعيل -عليهما السلام-، حقيقة ومن غير ترددٍ جاء الفرج الإلهي بفداء اسماعيل بكبش عظيم، والآيات تروي وتسطر القصة وتُحفظ في كتاب الله إلى قيام الساعة لتكون عبرة لمن يعتبر ولتشخّص معاني تنفيذ أوامر الله الواحد الأحد الفرد الصمد، وما يعود ذلك بالفائدة على الفرد المسلم قبل الأمة المسلمة، وتعالوا بنا نعيش مع هذه الآيات الكريمة قال تعالى: ﴿فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ ٱلسَّعۡيَ قَالَ يَٰبُنَيَّ إِنِّيٓ أَرَىٰ فِي ٱلۡمَنَامِ أَنِّيٓ أَذۡبَحُكَ فَٱنظُرۡ مَاذَا تَرَىٰۚ قَالَ يَٰٓأَبَتِ ٱفۡعَلۡ مَا تُؤۡمَرُۖ سَتَجِدُنِيٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّٰبِرِينَ* فَلَمَّآ أَسۡلَمَا وَتَلَّهُۥ لِلۡجَبِينِ* وَنَٰدَيۡنَٰهُ أَن يَٰٓإِبۡرَٰهِيمُ* قَدۡ صَدَّقۡتَ ٱلرُّءۡيَآۚ إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُحۡسِنِينَ* إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ ٱلۡبَلَٰٓؤُاْ ٱلۡمُبِينُ* وَفَدَيۡنَٰهُ بِذِبۡحٍ عَظِيمٖ﴾ (الصافات: 102، 107).
– وعندما نُمعن النظر في مناسك الحج التي أداها المعلم الأول والنبي المرسل والقائد المُلهم رسولنا الأكرم محمد ﷺ نجدها جميعها تجسيدًا عمليًا وتكريمًا لأسرة إبراهيم -عليه السلام- تلك الأسرة العظيمة التي نشأت على مائدة الله في ظلال الوحي الإلهي فلم يستطع الشيطان أن يفتّ عضد هذه الأسرة ولم يستطع كسر شوكة إيمانها، وخاب وخسر وتلقّ الهوان والخسران ثمّ الرجم من الأب الوالد إبراهيم ومن الأبن البار إسماعيل، ومن الأم الصابرة المحتسبة هاجر -عليهم الصلاة والسلام-.
– لقد أظهرت قصة إبراهيم -عليه السلام- أن دين الأنبياء جميعًا هو التوحيد الخالص وهو الدين الحنيف من لدن إبراهيم -عليه السّلام- حتى محمد ﷺ وهذا يعمق ثقة المسلمين بدينهم أنه أحسن دين، قال تعالى: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} (الحج:78) وقال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۗ وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا﴾ ( النساء: 125)..
نسأل الله تعالى العفو والعافية والقبول الحسن والرضى
– مقالة رقم: (1635)
10. ذو الحجة. 1445 هـ
صباحكم طيب، ونهاركم سعيد، وجمعة مباركة.
باحترام: د. محمد طلال بدران (أبو صُهيب).