مكتبة الأدب العربي و العالمي
حكاية فاتو والبقرة الصفراء من الفولكلور الكردي امرأة الأب تنال جزاءها (حلقة 3 )
قالت المرأأة لزوجها : إسمع ، لقد ماتت أم (فاتو) و ولم نقدم صدقة على روحها .. ما رأيك أن نذبح إحدى الحيوانات ؟فرد الزوج : صدقت .. إذاً فلنذبح كبشاً نوزع لحمه على الفقراء .فأسرعت زوجته لتقول : و لمَ نذبح كبشاً.. فلنذبح البقرة الصفراء ونأخذ أيضا نصيبا من اللحم ،فابنتك (عيشو) شاحبة ،ويجب أن تأكل .،ففكر قليلا وبان عليه التّردد فهي بقرة إبنته ،لكنه في النهاية وافق،فقد كان السّحر الذي تدسه له زوجته قويا ،ثم قال لـ (فاتو) بقرتك لن تخرج للمرعى اليوم وسأقدّمها صدقة على أمك ،صمتت البنت وقالت نعم يا أبي ،ثم خرجت للمرعى ،مطأطئة الرأس ،ولمّا رأتها أختها على هذه الحال فرحت ،فالحزن سيقضي على جمالها ،ولن يهتمّ بها أحد من فتيان القرية بها بعد الآن .
وقت الطعام جلست (فاتو) على حجر ولم تكن لديها رغبة في الأكل وتذكرت بقرتها التي كانت تحنّ عليها فلم تقدر أن تمنع نفسها من البكاء وتوقّف القطيع عن الرعي ، وجلست عنزة صغيرة في حجرها ،فضمّتها إليها ،وهي تشهق من قسوة الدهر عليها وهي لا تزال فتاة صغيرة .بعد قليل مرّت بها العجوز كعادتها ،ولمّا رأتها على تلك الحال ،قالت لها :أعلم سبب حزنك ،لكن إسمعي ،فالأيّام القادمة ستكون أحسن ،وستشفى أختك من اللّعنة التي أصابتها، ويرقّ قلبها لك ،وسيزول مفعول السحر عن أبيك ،أما زوجته فستصيبها البقرة بالكوابيس أثناء الليل وتمنعها من النوم ،ولما يذبحون بقرتك كلي منها فسيكون لشعرك شقرة لونها ولعينيك كبر عينيها ،ثم إرمي العظام في حفرة واردميها ،وبعد أيا ستجدين مكانها شيئا يعجبك ويسلّي وحدتك .
لمّا سمعت البنت ذلك الكلام ،مسحت دموعها ،وسألتها لكن من أين علمت كل ذلك يا خالة ؟ أجابتها :أنا أعلم كل شيئ يا إبنتي ،وستثبت لك الأيام صحة كلامي !!! والآن هيا لنطبخ طعامنا ،فلقد جمعت كثيرا من الفطر وأحضرت قدرا ،نسيت (فاتو )موضوع البقرة ،وأشعلت النار، وطبخت الفطر مع البصلة التي كانت عندها ،ثم أخرجت رغيفها ،و أكلت مع العجوز ،مضي اليوم والبنت تفكّر في جرى لها ،ومرة ثانية قررت أن تنفذ نصيحة تلك المرأة الغريبة ،في المساء لما رجعت (فاتو ) إلى دارهم وجدت بقرتها مذبوحة ،وقال لها أبوها أنه فرّق نصفها على الفقراء ، ولقد دعوا لأمّها بالرّحمة والمغفرة وترك النصف الآخر لهم ، ولما جاء وقت العشاء وضعت أماما زوجة أبيها قطعة كبيرة من اللحم لكي تشمت فيها وتجعلها تبكي ولكن (فاتو) أكلت بشهية كبيرة .. فاستغربت زوجة الاب ،ولما وضعت قطعة لحم في فمها غصّت بها ،فضحكت عليها (فاتو ) وقالت المرأة في نفسها :كنت أعتقد أنها ستغتاظ ،وتحزن ،ويبدو أن الغيظ سيصيبني أنا وليست هي وأكل الأب وإبنتيه ،وانبسطوا إلا زوجته التي وجدت اللحم غير مستساغ ،فلعنت تلك البقرة التي لم تسلم منها في حياتها ،ولا مماتها
و في صباح اليوم التالي جمعت (فاتو) العظام من فوق المائدة ووضعتها في كيس ،ثم انطلقت إلى المرعى مع القطيع ولما وصلت إختارت شجرة عالية وحفرت تحتها ثمّ ردمت عظام بقرتها ، مضت عدة أيام بدأت خلالها امرأة الأب ترى كوابيس مزعجة ترى فيها بقرة صفراء تجرى وراءها لتنطحها بقرونها ،فتستيقظ مرعوبة حتى نفر منها زوجها الذي بدأ يخفّ عنه السحر بفضل اللحم الذي أكله ،أما (عيشو) فصارت تأتى لأختها وتجلس معها ليلعبان معا وغابت عنها الرائحة العفنة واسترجعت تدريجيا جمالها .
أمّا (فاتو ) فقد لاحظ أبوها أن شعرها قد صار أشقر مثل لون بقرتها ،وعيناها واسعتين ليس هناك أجمل منهما وطلب منها أن تخفي وجهها لمّا تخرج .وذات صباح تذكّرت (فاتو ) الحفرة التي وضعت فيها العظام ،فذهبت إلى الشّجرة وحفرت تحتها ،قد إشتد فضولها لما ستجده هناك ،وفي الأخيرأخرجت الكيس ،ولما نظرت داخله شهقت من الدهشة …
…
يتبع الحلقة 4
طارق السامرائي