خواطر
أ. د. لطفي منصور خاطِرَةٌ:
ما بالُ قَلَمِي يَرْتَجُّ وَلا يَثْبُتُ بَيْنَ أَنامِلِي، فَأُعِيدَ كَتابَةَ الْكَلِمَةِ مَرَّةً ثُمَّ مَرَّةً ثُمَّ أُخٍرَى، كَأَنَّهُ قَدْ تَمَرَّدَ عَلَيَّ وَأَعْلَنَ الْعِصْيانَ.
قَلَمِي الَّذِي كانَ يَنْتَظِرُنِي كَما تَنْتَظِرُ الْفَرَسُ الْأَصِيلَةُ فارِسَها، لِأَسِيرَ مَعَهُ أَشْواطًا مِنَ السُّطورِ فَيَسْبِقُ الْكَلِمَةَ قَبْلَ أَنْ تَنَجَلَّى فِي الذِّهْنِ .
ما بالُهُ الْيَوْمَ ضَعيفًا نَحِيلًا هَزيلًا؟
أَجْرَيْتُ الْفُحُوصاتِ الطِّبِّيََةِ الْمَطْلُوبَةِ، فَتَقَرَّرَ أَنَّهْ ألْفِيروس
– يا سَيِّدي الطَّبيبَ لَقَدْ احْتَقَنْتُ ضِدَّ الفيروساتِ الصِّينِيَّةِ وَالْهِنْدِيَّةِ والْأَمْرِيكِيَّةِ
وَالَّتي في الْقَمَر!!
– صَحِيحٌ! هَذا الْفِيروس قَدْ أَفْلَتَ مِنَ الْمَصْيَدَةِ وَوَجَدَ بِكَ جَنَّتَهُ الَّتِي يَتَرَعْرَعُ فِيها وَيَنْمُو.
سُبْحانَكَ رَبِّي! أَمِنْ أَجْلِ مَخْلُوقٍ لا يُرَى بَالْعَيْنِ الْمُجَرَّدَةِ يَنْبَطِحُ الْمُصابُ في الْفِراشِ، واقِعًا تَحْتَ سَطْوَةِ الْحُمَّى فَهُزُّهُ وَتّرُصُّهُ حَتَّى يَسِيلَ عَرَقُهُ وَهُوَ تَحْتَ لُحافَيْنِ يَرْتَعِدُ مِنَ الْبَرْدِ. هذا الْإنْسانُ الَّذِي يُحَلِّقُ في سَماءِ الدُّنْيا مَغْرُورًا، لا يَسْتَطِيعُ الصُّمُودَ أَمامَ أَحْقَرَ الْمَخْلُوقاتِ حَجْمًا وَقُوَّةً.