مقالات
رد هادئ على بيان متشنج لشباب التغيير: التطوير والتقدم وخدمة المواطن هي مهام بلدية الناصرة الجوهرية نبيل عودة
يذكرني بيان شباب التغيير (27-05- 2016\عن شرطة البلدية) في تهجمهم المنفلت على رئيس بلدية الناصرة علي سلام، بما كنا نصدره من بيانات سياسية شيوعية في سنوات الستين من القرن الماضي…وانا لا الومهم فهم خريجو مدرسة حزبية بنيت على خطاب سياسي متشنج وفئوي وتحريضي. احترمت قرارهم بالانشقاق عن حزبهم، رغم اني كنت اتوقع ان يحدثوا صعقة كهربائية لحزبهم العتيق يعيد بها حساباته ويعيدهم الى احضانه ، فهم انشط رفاقه واثبتوا نقاوتهم الثورية، ورفضهم ان يكونوا مماسح لقادة لا يشغلهم الا مناصبهم، توقعت ان يحدثوا اعادة تفكير لحزب يفقد مكانته السياسية المميزة في مجتمعه، يتفكك تنظيميا ، يتهاوى اعلاميا، ونظرياته تهاوت مثل بناء من القش، وان يلبي حزبهم مطالبهم التي اقل ما يقال عنها انها قشرة رمان لن تغير نهج التفكير والنشاط والتهريج السياسي الذي صار ماركة شيوعية مسجلة، لكن حزبهم العتيق كان عتيقا أكثر مما توقعت، مرهقا بتراكمات من التجاوزات التنظيمية والفكرية، ووصل الأمر بمسوق اعلامي وسياسي مثلي، رغم قناعتي (حتى وقت قريب) انهم القوة السياسية الأفضل، الى رؤية مصداقية شباب التغيير في انشقاقهم عن حزبهم ، بل ووصلت تدريجيا الى نتائج اكثر عمقا في المجالات الأيديولوجية والسياسية ، بان حزبهم لم يعد الا مجرد مجموعة متنافسين على مناصب، لا يحملون أي فكر مما يدعون تمثيله ، لا يفقهون اصلا مضامين هذا الفكر الذي نعيش اليوم مرحلة انهياره. يرددون كالببغاوات مقولات نظرية عفا عنها الدهر، كل من يظن انه يمكن عقلنة تفكيرهم ، واعادة بعض المنطق للتنظيم ، والحفاظ على احترام متبادل بين قيادات انتهازية ورفاقهم والتعامل معهم كزملاء في النضال هو ببساطة يعيش بأحلام رطبة. اضحت الشخصانية والفردانية تسود هذا الحزب ولن اتفاجأ ان يتعمق تفككه وتخلو صفوفه من قوى شبابية واعية ومثقفة (نموذج شباب التغيير)ترفض ان تكون مطايا لقيادات تعيش على حساب وقت سياسي وصل نهايته. الكاتب حنا ابراهيم – شيوعي ومناضل مخضرم سابق من البعنة، (وكان رئيسا شيوعيا لمجلس البعنة المحلي) ابدع في كتابة “ذكريات شاب لم يتغرب” في تقديم صورة مؤلمة لهذا التنظيم وتصرفات قياداته وتعاملهم مع رفاق ونشطاء حزبهم. ظننت في فترة ما انه يبالغ.. لكني ايقنت من تجربتي أيضا، انه لم ينشر الا نصف الحقيقة!!
اعزائي الذين لا بد لي ان اعبر عن رايي ليس من موقفكم من شرطة المدينة، بل من اسلوبكم الذي اراه ترديدا سخيفا لشعارات تنظيمكم العتيق، بتغيير بسيط ان التوقيع هو لشباب التغيير وليس للحزب الشيوعي او جبهته المحروسة.
انتم كنت القشة التي قصمت ظهر الجمل في الانتخابات لرئاسة البلدية. وقد انقذتم الناصرة من ادارة لم يعد لديها ما تقدمه وتزداد انعزالا عن الجمهور. لذلك وصول علي سلام لرئاسة البلدية كانت بطريقة ما بفضل فضحكم لممارسات حزبكم العتيق وجبهته التي لم تعد الا مجموعة حزبيين واصدقائهم بعد ان جرى فك التنظيمات التي قامت الجبهة على اساها.. وجبهة اليوم لا علاقة لها بالتنظيم الجبهوي الذي احدث اهم واكبر انقلاب سياسي ثقافي وحدوي وتنويري في المجتمع العربي عامة والنصراوي خاصة.
توقعت ان تكونوا عقلانيين في رؤيتكم لاستراتيجية عملكم. لا تحرقوا انفسكم بتقليد فاشل لحزب لا اتوقع له مستقبلا سياسيا. عندما قرأت بيانكم “الشيوعي العتيق” الذي جاء فيه: ” علي سلام فقد مصداقيته وطعن الجمهور النصراوي في الظهر وأنه لا يؤتمن ويُخل بالمعاهدات والاتفاقيات وعلى هذا سيحاسبه أهل المدينة”. لم اصدق انه بيانكم. هذا بيان يليق بجريدة التهريج “الاتحاد”. هذا بيان لا يصدر الا عن سياسيين يفقدون رابطهم مع التفكير السياسي. هذا بيان اقل ما يمكن ان يقال عنه انه يزرع الفتنة ، وانا على ثقة انكم تسرعتم ببيان اقل ما يقال عنه انه لا يليق بما نعرفه عن شباب التغيير. خرجتم من كهف سياسي فلا تقيموا لنفسكم كهف سياسي بديل .. نحن في زمن سقوط الأكهاف السياسية، في زمن الانفتاح والعقلانية والتنوير والتمييز بين الهام والأكثر أهمية، اردتم صوابا فوقعتم في الخطأ!!
ماذا تعني هذه الجملة التي تصدرت بيانكم:” “لا لشرطة المدينة، لا لأذرع السلطة”؟ أي اذرع سلطة مع شرطة بلدية تحافظ على نظام ما داخل البلدة؟ من قال اننا اعداء للشرطة؟ الا نطلبها بان تنشط اكثر لجمع السلاح وقمع العنف في بلداتنا؟ هل لدينا وسائل اخرى ؟ الا نطالب بزيادة التنسيق بين الشرطة وسلطاتنا المحلية بكل ما يتعلق بقضايا النظام ، مثل انظمة السير، المواقف، قمع العنف والزعرنة، منع السلاح غير المرخص؟
قلت من البداية اني لا اكتب لأدافع عن وجود شرطة بلدية . لكني اعرف منذ ايام المرحوم توفيق زياد والبلدية تطالب بشرطة مدينة. لا اريد الدخول بمببرات هذه المطالب، لكن كل عاقل بإمكانه ان يفهم ان التعامل مع شرطة بلدية في قضايا النظام والسير افضل الف مرة من التعامل مع شرطة اسرائيل.
طبعا نقاشي مع طرحكم ليس هنا. انما حول اسلوبكم المثير للشفقة.
اولا موقفكم من التعامل الايجابي مع الرئيس الذي ينتخبه شعب الناصرة هو نقطة لصالحكم.. لكنكم كما يبدو تشدكم العقلية العتيقة. انتم بكل احترام عضو واحد، هل من المنطق ان تفرضوا مواقفكم على سائر اعضاء البلدية من الائتلاف والمعارضة؟ ربما تجدون المعارضة تصفق لكم ليس لمصداقيتكم انما لسقوطكم السريع. لماذا لا تأخذون حجمكم بالحساب؟ خلاف الرأي حول الشرطة البلدية قد يحتاج لحوار مفتوح وعقلاني ووضع تصور لدورها ونشاطها، ما هو مصرح لها به وما هو غير مصرح لها به.
لا يهمني القرار الذي ستتوصل اليه ادارة البلدية، لكن لا تنسوا انكم شركاء بالتغيير الذي احدث نقله نوعية هامة في علاقة الجمهور مع بلديته ومع رئيس بلديته. واقول لكم اكثر ان النشاط الثقافي والفني والرياضي الذي تلمحون به سيشهد قريبا تحولا عميقا من اجل جعل الناصرة عاصمة ثقافية وفنية لكل الجماهير العربية. المشكلة أعزائي ليست شرطة بلدية، بل وضع اطار لعمل الشرطة، تساهمون انتم باقراره ايضا، وبلدية الناصرة ورئيسها سيوفرون ال 2 مليون شيكل واضعاف هذا المبلغ لتحويلها لنوادي الرياضة والشباب. لذلك حجة ال 2 مليون شيكل ميزانية شرطة بلدية لا مكان لها ولا تشكل أي عائق لدعم النوادي والرياضة والفن والثقافة. كل متطلبات الشباب هي جوهر العمل البلدي، لأنهم مستقبل المدينة ومستقبل شعبنا. ما تقوم البلدية بإنجازه اليوم ، وما هو مخطط سينقل الناصرة الى واقع جديد، وانتم ببيانكم تبتعدون الى مواقف متشنجة لا تليق بشباب رفعوا شعار التغيير..
التغيير امامكم فمدوا ايديكم لتكونوا جزءا فعليا منه وليس مجرد تسمية.. ولنعتبر بيانكم كبوة فرس من اجل انطلاقة جديدة الى الأمام.
آمل اني اخاطب وعيكم ومنطقكم السليم. المشكلة ليست شرطة مدينة او أي تسمية أخرى، بل تطوير الناصرة وتعميق النسيج الاجتماعي والتفاهم بين اهل الناصرة.
[email protected]