حرب كتيبات ومنشورات في قصر الامم المتحدة بجنيف، بين السلطة البحرينية والمعارضة، والكشف عن الجلاد عبدالعزيز بن عطية الله آل خليفة متسترا بثوب الناسك العابد في مؤتمر اللجنة الفرعية لحقوق الانسان .. في العام 1999 أصدرت السلطة البحرينية، كراسا تحريضيا مطبوعا بالالوان المطرزة والفاخرة يحمل عنوان (المحرضون والمخربون .. أعمالهم وجرائمهم) باللغتين العربية والانجليزية، وكأي سلطة قمعية تريد أن توهم الناس بأنها أصبحت ضحية للارهاب والارهابيين على أرضها، نشرت السلطة البحرينية في هذا الكراس سلسلة طويلة من المعلومات المضللة والكاذبة والصور المفبركة بشكل متقن عن الدمار الكبير الذي لحق بالعديد من المؤسسات الرسمية والمحال التجارية الاهلية، واتهمت المعارضة الوطنية بالتخطيط لها وافتعالها خلال التظاهرات الاحتجاجية التي شهدتها البحرين في تلك الفترة، وذلك ردا على نشر كراسين وثائقيين، تكفلت “حركة احرار البحرين الاسلامية والمعارضة” بطباعتهم وتوزيعهم في شهر تموز/ يوليو 1997 بشكل مكثف داخل أروقة قصر الامم المتحدة في جنيف، الاول تحت عنوان ( البحرين .. شعب وانتفاضة) والثاني (ارهاب الدولة في البحرين) وكان كل منهما يحتوي على صور شهداء الانتفاضة الدستورية والشعارت الوطنية المطلبية التي رفعت خلال التظاهرات والاعتصامات السلمية التي طالبت بالتغيير الحقيقي والجوهري في البلاد، وكيفية الاساليب الوحشية التي ظلت تستخدمها قوات الامن البحرينية المدججة بمختلف انواع الاسلحة في مواجهة الشعب الاعزل، وقامت السفارة البحرينية باستئجار مجموعة مرتزقة مؤلفة من عرب واجانب لتوزيع هذا الكراس، على الوفود المشاركة في اجتماعات اللجنة الفرعية لحقوق الانسان، وكان الدكتور منصور الجمري وأنا (هاني الريس) نتابع ونراقب تحركات هذه المجموعة خطوة تلو خطوة ونقتنص الفرص، لكي نقوم بجمع ما نستطيع جمعه من أعداد هذا الكراس المكدسة فوق أسطح الطاولات وكراسي قاعات الاجتماع، بعيدا عن أنظار الآخرين، ونلقي بها في سلات المهملات، وذلك تحت شعار المعاملة بالمثل، حيث أن مرتزقة السفارة البحرينية ظلوا يمارسون نفس العمل وبصورة أوسع وأشمل مما كنا نمارسه . وفي هذا الكراس بالغت السلطة البحرينية كثيرا في تشويه صورة المعارضة السلمية، وجميع الحقائق القائمة على أرض الواقع، حول الانتهاكات الصارخة لحقوق الانسان وغياب الحريات المدنية في البحرين . في تلك الحقبة بالذات، كانت السلطة البحرينية، تشارك بوفود كبيرة في جميع المناسبات السياسية والاقتصادية والثقافية الدولية، التي تعقد في قصر الامم المتحدة في جنيف، ومن بينها شارك وفد أقتصادي عمالي مشترك وموسع، برئاسة وزير العمل والشؤون الاجتماعية، عبدالنبي الشعلة، وكان الوفد يضم في عضويته، وكيلة وزارة العمل الشيخة هند بنت سلمان آل خليفة، ومسؤول العلاقات الدولية في وزارة العمل، فاروق أمين، والدكتورة أمل إبراهيم الزياني، المستشارة في وزارة الخارجية البحرينية، والاقتصادي الدكتور خالد عبدالله، وحاولنا نحن المشاركين في وفد المعارضة، وبخاصة من جانب الزميل عبدالنبي العكري وأنا، أن نبدل كافة الجهود الممكنة، لكي نلتقي بالوزير الشعلة، آملين أن نستعرض معه ومع أعضاء الوفد حجم المأساة التي يعيشها شعب البحرين في ظل مختلف القضايا السياسية والاقتصادية والعمالية والامنية، ولكن للاسف الشديد وصلت كل تلك المساعي للطريق المسدود، ولم نستطيع أن نوصل صوتنا لهم. في ذلك الوقت وحينما كنا الدكتور عبدالهادي خلف، وأنا نسير في أحد ممرات قصر المؤتمرات، متجهين نحو قاعة الاستراحة المركزية، التقينا عن طريق الصدفة، مع الدكتورة أمل إبراهيم الزياني، التي كانت تربطها بالدكتور عبدالهادي خلف، علاقة زمالة طلابية جامعية، عندما كانوا يتلقون علومهم في جامعة بغداد في حقبة سنوات السبعينات من القرن الماضي، وكانت عندما أستوقفها الدكتور عبدالهادي خلف، لبضع دقائق محدودة لالقاء التحية، كانت تقف إلى جانبها وكيلة وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، هند بنت سلمان آل خليفة، وبعد ما تعرفت عليهما، قمت بتسليم الأخيرة، ملف حقوقي شامل ويحمل في طياته روايات وقصص تعذيب المعتقلين والسجناء والشهداء وكل ضحايا الانتهاكات في البحرين، إضافة إلى بعض أدبيات وبيانات المعارضة البحرينية، وتمنيت عليها قراءتها والاطلاع عليها، ومن ثم تسليمها إذا أمكن ذلك الى وزير العمل والشؤون الاجتماعية عبدالنبي الشعلة. لم تعترض وكيلة الوزارة على هذا الامر، وقد تسلمت نسخة من الملف برحابة صدر، وتعهدت لي بتسليمه الى الوزير الشعلة، وعندما غادرنا مكان اللقاء سألني الدكتور عبدالهادي خلف، هل تعرف من هي هذه السيدة التي تحدثت معها وسلمتها ذلك الملف؟ قلت له للاسف لم تكن لي أي معرفة سابقة معها، قال هذه هي الشيخة هند آل خليفة، وكيلة وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، ولا أتصور من انها ستقوم بتسليمه للوزير، وقلت إني آمل أن لا يحدث عكس ما وعدتني به، واتمنى أن تكون صادقة في تعهدها، وبالفعل عندما قمت بأول زيارة الى البحرين خلال مرحلة الانفتاح السياسي في العام 2001، التقيت بوكيلة وزارة العمل، هند آل خليفة، في الاحتفال الذي اقيم في فندق شيراتون البحرين لمناسبة عيد العمال، وعندما اقتربت لتوجيه التحية لها تذكرت بالفعل اللقاء الذي جمعني بها في جنيف، وقالت لي، لقد كان كل شيء على مايرام، ولم أخلف الوعد الذي قطعته على نفسي أمامك في مبنى الامم المتحدة، بأن يكون الملف الذي تسلمته منك بين يدي الوزير الشعلة، ولم يكون مثل أي شيء عابر، وأعتقد أنه أهتم بمطالعته، هذه الحقيقة أكدها لي أيضا الوزير الشعلة، عندما التقيته في قاعة الاستراحة في الفندق ودعاني للجلوس إلى جانبة، على مائدة الغذاء، التي أقيمت على شرف جميع الضيوف المشاركين في الاحتفال بيوم العمال، وكان يجلس بجوارنا كل من الزملاء،عبدالغفار عبدالحسين عبدالله، الامين العام السابق لاتحاد عمال البحرين، والمحامي علي عبدالله الايوبي، الرئيس السابق لجمعية المحامين البحرينية، والسكرتير الخاص للوزير الشعلة، صباح سالم الدوسري، وقال في حضورهم انه تسلم بالفعل هذا الملف، الذي كان يحتوي على موضوعات مهمة تتعلق مباشرة بالقضية الوطنية، ولم يسعه إلا أن يتطلع عليه باهتمام كبير، وانه كان مدركا لجميع القضايا التي حدثت في السابق، إلا أن الامر اليوم قد اختلف وتغيرت الامور تماما . الحلقة الرابعة والاخيرة .. مطاردة الجلادين البحرينيين في قصر الامم المتحدة في جنيف .. واكتشاف الجلاد عبد العزيز بن عطية الله آل خليفة متسترا بثوب الناسك العابد في اجتماع اللجنة الفرعية لحقوق الانسان . هاني الريس