قافلة القدسمقالات
مدارس القدس القديمة أ.د. حنا عيسى أمين عام الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات
شَكَـوتُ إلى وَكيعٍ سُـوءَ حِفظي……فَـأرشدني إلى ترك المعاصي
وأخبرني بأن العلم نُور……ونور الله لا يهدى لعاصي
تعتبر مدارس القدس احدى معالم المدينة وحضارتها، حيث كانت قبلة للعلم والمتعلمين، ساهمت في رقي الحضارة وتطورها، وعايشت ما مر على المدينة من ويلات وحروب وانتصارات…لتبقى الى اليوم وقفاً جميلاً شاهداً على تواتر الحضارات.
تقع في باب الحديد غربي الحرم الشريف إلى الشمال من باب القطانين وجنوبي المدرسة الأرغونية، أنشئت سنة 557 هـ (4531م) في فترة المماليك،ويتفق المؤرخون على أن واقفتها هي أوغل خاتون في الخامس من ربيع الثاني سنة سبعمائة وخمس وخمسين للهجرة، وأكملت أصفهان شاه بنت الأمير قازان شاه عمارة هذه المدرسة سنة سبعمائة واثنين وثمانين للهجرة،حيث بقيت الخاتونية مكانا للتدريس، فدرس فيها القرآن الكريم حتى القرن العاشر الهجري، وأصبح متقطعا بعد ذلك، إلى أن توقف مع بداية الاحتلال البريطاني لفلسطين، دفن فيها الزعيم الهندي المسلم محمد علي، والزعيم الفلسطيني موسى كاظم الحسيني ونجله شهيد القسطل عبد القادر الحسيني، ثم ابنه فيصل عبد القادر الحسيني.
تقع بباب الحديد، أقامها نائب الشام سنة سبعمائة وإحدى وثمانين “بيدمر“ .
تقع في الركن الشمالي الغربي من المسجد الأقصى مطلة على الحرم،أنشأها الأمير علم الدين سنجر بن عبد الله الجاولي، نائب القدس وناظر الحرمين الشريفين (أي المسجد الأقصى والمسجد الإبراهيمي بالخليل) في زمن الملك الناصر محمد بن قلاوون بين سنتي 217 هـ و 027 هـ، وقد حولت هذه المدرسة إلى سكن لنواب القدس، وفي العصر العثماني حولت إلى قشقلان ودار للحكم، وبعد الاحتلال البريطاني أقام المجلس الإسلامي الأعلى كلية روضة المعارف فيها، ثم أصبحت دارًا للشرطة وفيها الآن المدرسة العمرية للبنين.
أقيمت بباب الناظر من قبل الحاجة سفري خاتون ابن شرف الدين محمود المعروف بالبارودي ، وذلك سنة سبعمائة وثمان وستين للهجرة .
وتقع بجوار الزاوية اليونسية من جهة الشمال.
وتقع هذه المدرسة في طرف الحرم من الناحية الغربية بجوار باب الناظر،فوق رباط علاء الدين البصيري، أنشئت سنة 838 هـ (3341م) في عهد السلطان الأشرف برسباي المملوكي، أنشأها الأمير حسام الدين الحسن بن محمد بن عبد الله الشهير بالكشكيلي، نائب القدس وناظر الحرمين الشريفين في القدس والخليل. تحول جزء من هذه المدرسة إلى دار للسكن وضُمَّ الجزء الآخر إلى المدرسة المنجكية، واتخذت المدرسة وما ضُمَّ إليها مقرًّا للمجلس الإسلامي الأعلى، ثم مقرًّا لدائرة الأوقاف في القدس.
تقع على طرف صحن الصخرة من جهة القبلة إلى الغرب، أُنشئت سنة 406 هـ (7021م) في عهد الأيوبيين، أنشأها الملك المعظم عيسى، تتكون من غرفتين وصالة في الوسط، نال النحو العربي اهتمامًا كبيرًا في هذه المدرسة، وقد كانت تدرس فيها كتب في العربية مثل “الكتاب” لسيبويه والإيضاح لأبي علي الفارسي و”إصلاح المنطق” لابن السّكِّيت وغيرها، وقد دُرِّست في هذه المدرسة إلى جانب النحو علوم العربية الأخرى: كاللغة، والأدب، والبلاغة،والعروض، وغيرها، أصبحت هذه المدرسة مكتبة للمجلس الشرعي الإسلامي الأعلى في العهد الأخير، ثم أصبحت مقرًّا للمكتب المعماري الهندسي لإصلاح قبة الصخرة المشرفة وإعمارها في سنة 1965م، وهي الآن أحد مكاتب لجنة إعمار المسجد الأقصى المبارك.
تقع في الجهة الشمالية من ساحة الحرم الشريف، غرب المدرسة الأسعرويةالمتخذة اليوم مكانا لمحكمة الاستئناف الشرعية الإسلامية. وهي من مدارس القرن التاسع الهجري “الخامس عشر الميلادي” في العصر المملوكي،أنشأها الأمير علاء الدين علي بن ناصر الدين محمد الكركي نائب قلعة نصيبين، وقد سميت بهذا الاسم نسبة إلى القلعة الصبيبية (نمرود اليوم)التي تقع بين بانياس وتبنين، وتعرف أيضًا بالمدرسة النصيبية.
تقع بالقرب من المدرسة الصبيبية.
– المدرسة الطولونية:
تقع المدرسة بداخل المسجد فوق الرواق الشمالي، أنشأها شهاب الدين أحمد بن الناصري محمد الطولوني الظاهري، في زمن الملك الظاهر برقوق، على يد مملوكه أقبغا الطولوني، وذلك قبل سنة 008 هـ (7931م).
تقع بين باب شرف الأنبياء ومئذنة باب الأسباط.
تقع غرب المدرسة المنجكية.
تقع شمالي الحرم إلى يمين الداخل من باب العتم، جوار المدرسة الملكية وفوق رواق النساء. بنيت سنة 067هـ ( 8531م) في عهد الملك الصالح صلاح الدين ابن الملك الناصر محمد بن قلاوون، وقد أنشأها مجد الدين عبد الغني بن سيف الدين أبي بكر يوسف الأسعردي وكان تاجرًا، تتكون من طابقين يتوسطهما صحن مكشوف مربع الشكل، ويحيط بالصحن عدد من الخلاويالصغيرة ذات المداخل المعقودة، وقام المجلس الإسلامي الأعلى في سنة 6431هـ (5291م) بترميمها ونقل إليها دار كتب المسجد الأقصى قبل أن تتحول إلى دار للسكن.
تقع بخط باب حطة لجهة الغرب.
تقع في طريق باب الحديد من الجهة الشمالية، تعرف اليوم بـ “دار الخطيب“.
– المدرسة الغنرية :
تقع مقابل المدرسة الطولونية من جهة الشرق، أنشأها شهاب الدين الطولوني قبل سنة 008 هـ، أنشأها شهاب الدين جعلها للملك الظاهر برقوق.
تقع عند قبو الغوانمة في الركن الشمالي من ساحة المسجد الأقصى، أنشأها المحدث عز الدين بن عبد العزيز العجمي الأردبيلي في أيام المماليك، وقد نسبت المدرسة إلى المحدث عز الدين الأردبيلي فقيل المحدثية ولم تنسب إلى اسمه، وهي تابعة للأوقاف في الوقت الحالي، ومن أشهر شيوخها واقفهانفسه المحدث عز الدين الأردبيلي.
تقع في الجهة الغربية من ساحة الحرم بباب الحديد تجاه المدرسة الجوهرية، أنشئت سنة 588 هـ (0841م) في فترة المماليك، أنشأها زين الدين أبو بكر بن محمد بن أحمد بن عبد الخالق بن عثمان بن مزهر الأنصاري الدمشقي الأصل القاهري، الشافعي المتوفى سنة 398هـ، تتكون من طابقين من البناء يتوسطهما صحن مكشوف، يتم الوصول إليهما عبر مدخل مملوكي جميل، ويرتفع بارتفاع طابقي البناء، وقد أصبحت المدرسة اليوم دارًا للسكنى تعرف بدار الشعباني، وكانوا يسكنونها حتى سنة 3391 م وقد اشترتها الأوقاف منهم.
تقع في حارة المغاربة، عرفت قديما بالقبة، وقد وقفها الملك الأفضل نور الدين على فقهاء المغاربة المالكية سنة خمسمائة وتسع وثمانين للهجرة. وفي الستينات من القرن العشرين فكانت داراً يسكنها بعض الفقراء المغاربة،وزالت مع قيام جرافات الاحتلال الصهيوني ، بهدم حارة المغاربة عام ألف وتسعمئة وسبعة وستين.
تقع في الجهة الغربية من الحرم إلى الشمال من باب السلام “السكينة”بجوار المدرسة السلطانية وباب السلسلة، تنسب إلى واقفها الأمير سيف الدين منكلي بغا الأحمدي، المعروف بـ “البلدي”، الذي أنشأها في عهد الملك الأشرف شعبان.
تتكون المدرسة من طابقين ويتم الوصول إليها عن طريق باب السلسلة عبر مدخل جنوبي صغير الحجم، ويؤدي إلى ممر مغطى ينعطف إلى جهة اليسار، ويؤدي بدوره إلى الساحة المكشوفة من الطابق الأول، وحولها مجموعة من الخلاوي وإيوان كبير، ويضم الطابق الثاني عددًا من الغرف الخاصة لسكن المدرسين وطالبي العلم.
تقع على بعد بضعة أمتار من سور القدس الشرقي قرب باب الأسباط في الجهة الشمالية من الحرم، أنشأها السلطان صلاح الدين الأيوبي ونسبت إليه، وكان ذلك بعد تحرير بيت المقدس في سنة 385هـ/ 7811م، وذُكر أنها أقيمت في مكان الكنيسة المعروفة بـ “صند حنه” عند باب الأسباط، وذُكر أيضًا أنها أقيمت في مكان دير للراهبات أقيم في بيت القديسين يواكيموحنه، وذكر أنها كانت تعرف قبل الإسلام بصند حنه ثم امتلكها المسلمون و صارت في الإسلام دارَ علمٍ قبل أن يملك الفرنج القدس، ولما ملك الفرنجالقدس أعادوها كنيسة، فلما فتح صلاح الدين القدس، أعادها مدرسة،واستمرت هذه المدرسة منارة إشعاع علمي في العصور: الأيوبي والمملوكي والعثماني.
– المدرسة الأشرفية:
تقع بجوار باب السلسلة، وهي من أشهر مدارس مدينة القدس وأضخمها،عرفت بـ “المدرسة السلطانية“، بناها في الأصل الأمير حسن الظاهري،باسم الملك الظاهر خوشقدم سنة ثمانمئة وخمس وسبعين للهجرة، ولكنه لم يتم بناءها، فقدمها الأمير حسن إلى الملك الأشرف قاتيباي، فنسبت إليه وسماها الأشرفية. وفي سنة ثمانمئة وثمانين للهجرة، زار “قاتيباي“القدس، ولم يعجبه بناء المدرسة، فأمر بهدمها، وأرسل من مصر مهندسين وعمالا باشروا بإعادة بنائها في سنة ثمانمئة وخمس وثمانين للهجرة. فجاءت آية في الإتقان والجمال. وفي وصفه لها قال مجير الدين الحنبلي :”إنها الجوهرة الثالثة “ في منطقة الحرم بعد قبة الجامع الأقصى، وقبة الصخرة الشريفة. ومن ميزات بنائها أن أكثر أحجارها من الرخام ذي الحجم الكبير، وأنها مكونة من طبقيتي ومئذنة ومصلى، وهي ذات مدخل مصنوع من الأحجار الملونة والمنقوشة. الا انه في سنة تسعمائة واثنين للهجرةتعرض هذا البناء العظيم للزلزال الذي أصاب مدينة القدس، فتهدم أكثره، ولم يبق منه إلا بعض الجدران والمدخل، وعلى أحد الجدران الباقية نص منقوش يشير إلى منشىء المدرسة وتاريخ إنشائها. وبقيت المدرسة وقفا، أقيم في موضعه منزل مدرسة “الأيتام الإسلامية“ في القدس.
تأسست عام ألف وتسعمائة وستة في عهد السلطان العثماني عبد الحميد الثاني، وسميت بهذا الاسم نسبة إلى متصرف القدس أحمد رشيد بك،تطورت هذه المدرسة في الحرب العالمية الأولى فأصبحت مدرسة ثانوية كاملة من اثني عشر صفاً، وخلال عهد الانتداب البريطاني، أخذت المدرسة الرشيدية تنمو وتتطور، حتى غدت من أحسن المدارس الحكومية في فلسطين. كانت المدرسة أولية، وفيها قسم ثانوي . ثم زاد التعليم فيها عن الثانوي بسنتين أخريين، فصارت تؤهل خريجيها الحاصلين على شهادة الثانوية العامة (المتريكوليشن )، لدراسة الطب والهندسة بدراسة مواد خاصة تحضيرية .
تقع المدرسة في الجهة الغربية من الحرم جنوبي باب المطهرة “المتوضأ”،أنشأتها الأميرة أصفهان شاه خاتون بنت محمود العثمانية سنة 048هـ في عهد السلطان الأشرف برسباي، ووقفت عليها أوقافًا عديدة، وتتكون من طابقين من البناء، وتستند في جزء منها على الرواق الغربي للحرم الشريف،وتضم ضريح السيدة أصفهان شاه. تحولت هذه المدرسة فيما بعد إلى دار للسكن يسكنها جماعة من آل الفتياني، ثم عمرها المجلس الإسلامي الأعلى. وقد قامت السلطات الإسرائيلية المحتلة بحفريات تحت هذه المدرسة مما أدى إلى تصدع مبناها ومسجدها، ثم استولى المحتلون على المسجد.
تقع داخل أسوار الحرم في الجهة الغربية الجنوبية منه، على أمتار قليلة من جامع المغاربة، وبابها من داخل الحرم، أنشئت سنة 037 هـ (9231 ـ 0331م)في العصر المملوكي، كانت زاوية عرفت بالزاوية الفخرية، ثم أصبحت مدرسة ثم تحولت بعد ذلك إلى خانقاه هي الخانقاه الفخرية، وورد أنها كانت مدرسة وخانقاه، أنشأها القاضي فخر الدين أبو عبد الله محمد بن فضل الله ناظر الجيوش الإسلامية بالديار المصرية. تشكل مجمَّعا معماريا، وتضم اليوم مسجدا للصلاة وأماكن لإقامة الذكر، وأخرى خاصة بتهجد الصوفيين،وإقامتهم، وأماكن للسكن، وتسكن فيها عائلة أبو مسعود، وقد هدم المحتل الإسرائيلي جزءا كبيرا منها، وبقي منها المسجد وثلاث غرف، واتخذ المسجد مقرا لقسم الآثار التابع لإدارة الأوقاف الإسلامية في القدس، وهو الآن مقر لموظفي المتحف الإسلامي الذي يجاور الخانقاه ويلاصقها من الشرق.
أُنشئت في العصر المملوكي سنة 267هـ (0631ـ 1631م)، وقد أنشأها الأمير سيف الدين منجك اليوسفي الناصري، وتقع في طرف الحرم من الناحية الغربية إلى الشمال من باب الناظر، وكانت لهذه المدرسة أملاك موقوفة، وكان هناك ناظر يديرها وجاب يجبي أوقافها، وقراء يقرءون القرآن فيها ويعلمونه بأجر معلوم.
تلاشت أحوال المدرسة مع الزمن ثم عمرت واستعملت في أوائل الاحتلال البريطاني.
تقع في الجهة الغربية من الحرم بباب الحديد على يسار الخارج منه،تجاه المدرسة الجوهرية وملاصقة للمدرسة الخاتونية، شرع الأمير أرغون الكاملي في إنشائها سنة 857هـ (7531م) ثم توفي في أواخر هذا العام،فأكملها ركن الدين بيبرس سنة 957 هـ (8531م) وكان ذلك في عهد المماليك،قامت المدرسة بدورها في الحركة الفكرية في القدس، واستمرت كذلك حتى أواخر القرن التاسع الهجري/ الخامس عشر الميلادي، تتكون هذه المدرسة من طابقين من البناء، وبعضها راكب على الرواق للحرم الشريف، في الجزء الواقع بين باب القطانين وباب الحديد.