مقالات

اشياء غير منسية / محمد جبر الريفي

لما قصفت مدينتنا غزة في مثل هذه الايام من شهر مايو ايار عام 1955 بمدافع المورتر الصهيونية وكان ذلك يصادف الاحتفال في جبل المنطار شرق المدينة بان وجه ابي شاحبا اصفر كوجه الشمس ساعة المغيب ،لقد هل علينا بعد انتهاء القصف كالبرق هو وحقيبته الصغيرة وكنا لا نراه عادة الا يوما او يومين في الاسبوع ،تطلع الينا من حيث كنا نتكوم على حصير قديم كالح …كانت اختي الصغيرة بقربي ترتجف ،تنظر الى الوجوه بعينين فزعتين بينما راحت امي تحملق في وجهه بحنان ،في حين احمرت عيناه وطاف بصره في نواحي البيت ،كان يحدق في كل شبر منه ،في كل جدار وزهرة واصيص ثم انبرى صوته يسال ،وظللت لحظة صامتا احدق في عينيه الواسعيتين البراقتين الخضراوين ،احدق في تلك القامة الطويلة المنتصبة امامي كالنخلة ،لكنه ما لبث ان صاح بصوت عال يقول :ولكني لا اراكم هنا جميعا في البيت ؛ كان الهواء ثقيلا ومشبعا بدخان قنابل المورتر الصهيونية والطرق الترابية اضحت مملوءة بالحفر واصوات الصراخ والنحيب تعلو بين فترة واخرى مع مرور الوقت في حارتنا الفقيرة وعندما استيقظت من شرودي وراسي يطرقه صداع عنيف قلت وانا ابكي مندفعا نحوه :جارنا خضر مات … مات …استشهد من القصف يا با ..واحسست ساعتها صدره الكبير وهو يلامس صدري ..يلتصق به في حنان لكن فمه ظل مغلقا ولم اسمع منه اي صوت …:؛

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق