جزء من روايتى أو نصى : جموح المراكب : جزء من الفصل التاسع
الكل يهرول .. الكل يختبىء ..إما فى مخابىء تحت الأرض .. وإما خلف الشجر والغابات .. فالجو ملبد بالنيران .. تحول الليل الى نهار .. صوت أزيزها يخترق الآذان … تخترق السحاب تاركة شبورة البياض وراءها .. متعطشة لدمائنا .. كأفعى محملة بالسم الزعاف .. طائرات لم يكتمل بعد عقلها .. ولا وجدانها .. جثة مقطوعة الرأس .. جثة مقطوعة الأطراف .. جثة مشطورة النصفين .. جثث لا يطيق أنفك أن يشتم رائحتها..
لكنى رغم الموت المحيط والجثث العفنة كنت بين أحضانه … يمتصنى .. يقلب فيه كما يقلب دمية بلا روح .. فى عجلة من أمره.. كأنه ليس أمامه إلا دقائق ليفرغ مشحونه … بلا هوادة .. وبلا تؤدة .. .. ولما تتسرب كهربيته الشهوانية بين فخذى … وبطريقة للتسريب لا تعرف معنى الإنسانية .. فلست إنسانة مثله .. أنا السلك الأرضى الذى يفرغ طاقته عبر المتعة … يدير ظهره .. يرتدى بزته الكروهات بين دوائر اللون الرملى واللون الأخضر القاتم .. ونسور متوحشة على الكتفين .. يحمل سلاحه المعادل الموضوعى لسلاحه الجنسى .. يهرول … يقاتل .. عن من ..ولمن … لا أدرى … هكذا راجت بضاعتنا … لست وحدكم من قلتم بجهاد النكاح .. ولكن لا أحد يصرخ كما صرخ التونسى … نساؤنا تذهب الى سورية ليعدن ببطون منتفخات .. فكم تغضب منا الميادين .. نلوثها كما نلوث البحر بالنفايات الذرية ” رابعة والنهضة “.. والمد الشيعى يستفحل .. كنا مجرد ترفيه كفياجرا للجهاد …
أى بلاهة هذه ..
أتدرى كم كنا ..
وصل عددنا الى 200000فتاة كما قال المؤرخون .. لايهم عذريتنا .. كل شىء لايهم .. كما فى ليالى البغاء الجاهلية وأصحاب الرايات الحمر.. وحدنا اليابانيات اللواتي عملن لصالح الجيش الياباني في الحرب العالمية الثانية.
وكنت رأيته برونقه وجماله الألاق .. وملابسه التى تشبه البساتين بما بها ورود متجانسة الألوان .. تبهج وتسر الناظرين .. مجرد أن تقع عليه أشعة الشمس ينعكس ذلك على طيران فؤادك من السعادة .. لذة مشبعة للعين والقلب .. سابية للعاشقين ..
يعشق اللهو والسرور والمرح … بحجم صغير .. وملابس زاهية
انحنت لتحيينى … ساما ساما ” سيدى ” .. اندهشت فخبرتنى : إنها تحيتنا.
ثم أهدتنى الشكولاته …. وتطورنا سيدى فأصبحنا نصافح ..
وفى سحابة حاملة بالمطر .. على وشك المخاض وخروج الودق .. كان على متنها .. لا يحب الملابس الطويلة .. يرتدى جيبة فوق من الركبتين بكثير .. .. فما ثم غير البكينى .. وسيقان طويلة غزالية .. وووجه أبيض مشع كالزئبق فى لمعانه وانسيابه .. دائرى صغير .. وعينين مكحليتن بإثمد فرعونى كأنها فى أبهاء معبد الكرنك .. منحرفتين قليلا أو كثيرا لأعلى .. كعينى طائر ليلى قناص .. كم اشتهر بتفننه فى روعته وبياضه .
– ما سر جمالك .. وقد خلت بشرتك من الندوب والسواد ؟
-تغذية البشرة والتجميل
برزت هوريشيمية فى وثبة شرسة ..أنه الجمال المزور
-كيف؟
-عمليات التجميل .. فما من كورية إلا أجرى لها عملية تجميل .. ليست هى .. بل وجه آخر غيرها
– لن نخجل من هذا فخير أن تكونى جميلة من أن تكونى بشعة .. بل جاءنا من العالم فى سياحة التجميل أعداد تتزايد كل يوم .. وليعرفوا أسرارنا فى الجمال. فجون هون يونج الممثلة الكورية قامت بنشر فيلم وثائقي عن أسرار جمالها
كل شىء أبيض .. الجدران .. الأسرة .. السرائر .. الأرواب .. لاأدرى إحساس بالنهاية أو مخاض الولادة .. مشوهة .. مبتورة .. محروقة .. متفحمة ..
قلت لها مالذى حدث ؟
سيدى .. المحور والحلفاء .. الحرب العالمية الثانية.. هتلر النازى السادى .. والجائعات من وراء المحيط .. يريد أن يتسيد العالم . عند الهزيمة أو توقعها كل شىء مباح .. الجنس .. القتل .. الأسلحة المحرمة دوليا ..
احترقت الأرض .. تشوهت البذور .. بل تشوهت جيناتنا .. كم نعانى من يومها .. كم نعانى ..
الآلاف مشوهون ..أو مقتولون أو متفحمون .. إنها نووية نجازاكى وهيروشيما .. مدينتان للحروب والسادية ..
فما يفيد من ماتوا من تأسف وتعويض …
ولكننا صمدنا وقمنا كطائرالعنقاء من الرماد محملين بقوة جبروتية للحياة ..
تفوقنا على من أحرقونا ..
الشاعر وحيد راغب