مقالات

حنا عيسى يثمن ما تقوم به الجمعية الإمبراطورية في سبيل تعزيز وتطوير العلاقات الثنائية المميزة بين الشعبين والقيادتين الفلسطينية والروسية

رام الله

بتاريخ 18/5/2019م ألقى د.حنا عيسى / الأمين العام للهيئة الاسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات محاضرة علمية في المركز الروسي للعلوم والثقافة في بيت لحم بممثلي فروع الجمعية الامبراطورية الارثوذكسية الفلسطينية  في روسيا الاتحادية الذين وصلوا اول أمس الى فلسطين وبحضور رئيس فرع الجمعية  في فلسطين السيد داود مطر ، تناول   فيها  عيسى :العلاقات الروسية – الفلسطينية :التاريخ وآفاق المستقبل

إن العلاقات الفلسطينية  –  الروسية هي علاقات تاريخية ووطيدة  وأن لروسيا دوراً مهما في إحلال السلام وإقرارالحقوق الوطنية المشروعة لشعبنا الفلسطيني في إقامة دولة فلسطين المستقلة على كامل حدود عام 1967 .. ومما يدعم ما ذكر  اعلاه من حقائق على الأرض بأنه في فلسطين تأسست الجمعية الأرثوذكسية الفلسطينية في عام 1882،وبعد سنوات قليلة ظهرت كلمة جديدة في تسمية الجمعية وهي” الإمبراطوريةوأصبحت تسمى بالجمعية الإمبراطورية الأرثوذكسية الفلسطينية.

في عام 1918 تغير اسمها إلى الجمعية الفلسطينية الروسية، وفي عام 1992 أعيدت التسمية التاريخية وهي ” الجمعية الإمبراطورية الأرثوذكسية الفلسطينية ” بناء على قرار رقم N2853-1 الصادر عن مجلس الدوما الأعلىللاتحاد الفيدرالي الروسي بتاريخ 25/5/1992, تم اعتماد الجمعية الإمبراطورية الأرثوذكسية الفلسطينية كمنظمة روسية دولية هدفها بالدرجة الأولى مساعدة روسيا في تقوية وتطوير علاقاتها بشعوب الشرق الأوسط في كافة المجالات الدبلوماسية ، العلمية ، الثقافية ، الدينية والاجتماعية.

في البداية الجمعية الإمبراطورية الأرثوذكسية الفلسطينية اعتبرت كمؤسسة تهدف إلى أعمال خيرية، علمية وثقافية أهدافها الأساسية:

1- جمع, تطوير ونشر المعلومات في روسيا عن ألاماكنالمقدسة في الشرق.
2- مساعدة وتشجيع الحجاج الأرثوذكسيين في الوصول إلى هذه ألاماكن.
3- تقوية ودعم الطائفة الأرثوذكسية بين السكان المحليين.
4- تنفيذ الدراسات والأبحاث العلمية حول تاريخ وآثارفلسطين.
5- تأسيس المدارس، بناء المستشفيات وبيوت الحجاج.
6- تقديم المساعدات المادية إلى السكان المحليين،الكنائس، الأديرة ورجال الدين.

ساهمت الجمعية الإمبراطورية الأرثوذكسية الفلسطينية مساهمة كبيرة في تطوير الاستشراق. فقد استقطبت العديد من علماء روسيا والباحثين بالشؤون الفلسطينية والشرقية وتجلى ذلك في مطبوعاتها المختلفة والتي كرست تاريخ وثقافة شعوب الشرق الأوسط بشكل عام وفلسطين بشكل خاص. ضمت الجمعية الفلسطينية في عضويتها العديد من العلماء والاكادميين المعروفين وشخصيات بارزة.

يعود الفضل في تأسيس هذه الجمعية إلى المؤرخ المستشرق نيكولايفتش خيتروف، زار ختيروف فلسطين مرتين قبل إعلانتأسيس الجمعية عام 1882، وبعده زارها ست مرات وحتى عام 1903 شغل منصب سكرتير الجمعية. ونتيجة زيارته تأكد من ضرورة التواصل مع الشرق الأوسط والحفاظ على مصالح روسيا بالمنطقة. وكان لمقالاته بعنوان” طائفة الأرثوذكس في الأراضي المقدسة” و”المجموعة الفلسطينية الأرثوذكسية” عام 1881 اثر كبير في موافقة الحكومة الروسية على تأسيس الجمعية بتاريخ 21/5/1882 في مدينة سانت بطرسبرغ .

اهتمت الجمعية بالتعليم ولهذا افتتحت أكثر من 50 مدرسة والتي وفرت التعليم لأكثر من 5000 شخص. وبعد ذلك تضاعف العدد وكثرت المدارس ورياض الأطفال في مختلف مناطق فلسطين ومنها مدارس في القدس وكفر ياسيف والناصرة والمجدل والرامة وبيت جالا وغيرها. أحضرتالجمعية معلمين ومدرسين من روسيا إلى فلسطين ولعدم قدرة هؤلاء المعلمين على العيش لفترات طويلة والتاقلم مع طبيعة حياة الناس المحليين قامت الجمعية بافتتاح العديد من دور التأهيل وتدريب المعلمين المحليين فمثلا تم افتتاح دور المعلمين في الناصرة وبيت جالا عام 1890.

كانت ترسل الجمعية مفتشين من روسيا للتأكد من سير العملية التعليمية في المدارس الروسية في الأراضيالمقدسة. ضمن المواد التي درست في المدارس الروسية كانت اللغة الروسية والشعر الروسي.

أنشئت الجمعية العيادات، المراكز الصحية والمستشفيات لعلاج الحجاج الروس وعلاج السكان المحليين في مدن: القدس، الناصرة، بيت لحم، وبيت جالا. كما وفرت الأدويةالمجانية فيها. حيث قدمت العلاج لعدد يقارب 60000 شخص في السنة وكان أول مستشفى روسي في القدس عام 1863.

ومع بداية الحرب العالمية الأولى عام 1914 وبدء الثورة في روسي، توقف نشاط الجمعية التعليمي والتنويري في فلسطين. وعقد مؤتمر للجمعية في  بطر سبورغ واتخذ قرار بوقف النشاط التعليمي حتى انتهاء الحرب في سوريا وفلسطين.

وفي عام 1976 افتتحت في موسكو ممثلية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ثم سفارة بعد اعلان الاستقلال الفلسطيني عام 1988، حيث كان جميع الممثلين الفلسطينيين في موسكو “فوق العادة وكاملي الصلاحيات” وكذلك الممثلين الروس لدى منظمة التحرير الفلسطينية.

لقد عرف الروس الشرق الاوسط وسكانه منذ زمن بعيد،وكانت لديهم معلومات عن المستعمرات الاغريقية سوروز وخيرسونيس، هذه العلاقات سبقت امتداد المسيحية الى روسيا.. وبعد قبول المسيحية ديناً في سنة 988م، ترسخت علاقات روسيا بالشرق، واندفع الكثيرون من سكان روسيا نحو الشرق، وخاصة للحج الى الديار المقدسة.

وقد ظهرت العلاقات القوية الى حيز الوجود ابتداء من افتتاح الجمعية – الروسية – الفلسطينية في 21/5/1882م.. حيث كان من اهم الاهداف لانشاء هذه الجمعية في فلسطين في القرن التاسع عشر, هو خدمة المصالح السياسية والاقتصادية للامبراطورية الروسية القيصرية.

فالقيصر الروسي الكسندر الثالث صادق على تأسيس الجمعية وطمح موظفوها الحكوميون لرؤية الجمعية بوقاً دعائياً ينشر ايديولوجية وسياسة الامبراطورية الروسية في قلب الشرق الاوسط. فالجمعية كانت عبارة عن مؤسسة حكومية تتلقى المساعدات والتمويل من الحكومة. وعلى الرغم من محاولة بعض نشيطي الجمعية فصل نشاطها عن الحكومة، الا ان مصالح الامبراطورية الروسية هي التي حددت  نشاط الجمعية.

ولاحقاً… ترجمت روسيا الاتحادية (الاتحاد السوفياتي سابقاً) علاقاتها مع فلسطين على ارض الواقع، بافتتاحها اول ممثلية فلسطينية على اراضيها عام 1976م، وتراسها في ذلك الحين العميد محمد ابراهيم الشاعر (اول ممثل فوق العادة لمنظمة التحرير الفلسطينية (1976 – 1982م).

وكانت العلاقات الرسمية، في ذلك الوقت مرتبطة مع لجنة التضامن الافرو – اسيوي ومنذ عام 1982 – 1990م اصبحت العلاقة الرسمية مرتبطة مباشرة مع وزارة الخارجية, فاعترفت روسيا – الاتحاد السوفيتي سابقاً – باعلان دولة فلسطين في 19/11/1988م.

فالعلاقات الوطيدة لم تتوقف هنا، ففي يوم 10/1/1990م اعلنت روسيا (الاتحاد السوفيتي سابقاً) رفع مستوى تمثيل ممثلية منظمة التحرير الفلسطينية الى درجة سفارة وقالت وكالة “تاس” ان موسكو “ستعين سفيراً لها فوق العادة لدى اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية” كما كان الاخ نبيل عمرو اول سفير فوق العادة لدولة فلسطين في موسكو حيث اعتمد بتاريخ 21/2/1990م.

وفي ظل الديمقراطية الروسية الجديدة عادت الجمعية الإمبراطورية الأرثوذكسية الفلسطينية إلى الحياة وإعادةالنشاط السابق وبفضل جهود واحتضان الكنيسة الروسية وعلى رأسها غبطة بطريرك موسكو وعموم روسيا اليكسي الثاني رحمه الله . وحققت الجمعية الإمبراطوريةالأرثوذكسية الفلسطينية إنجازات عديدة مابين 1997-2000وما زالت هذه الانجازات تتحقق على كافة المستويات  بفعل التعاون البناء ما بين القيادتين  الفلسطينية والروسية   وما للكنيسة الأرثوذكسية الروسية  حاليا  برئاسة البطريرك كيريل  – بطريرك موسكو وعموم روسيا  من فعل بناء في تطوير العلاقات  الروسية –  الفلسطينية .

وفي عام 2002 حدث تطور هام في تاريخ الجمعية، وفي خطوة جادة منها لترسيخ العلاقات الروسية الفلسطينية وإعادة نشاط الجمعية السابق، قررت الجمعية برئاسة السيد ألكسي تشيستيكوف الذي كان يشغل منصب أولسفير لروسيا الاتحادية لدى السلطة الفلسطينية تأسيسفرع للجمعية في فلسطين.

وعلى ضؤ ما ذكر أعلاه واستنادا إلى الحقائق التاريخية  فان العلاقات الفلسطينية الروسية تتطور باستمرار من خلال الدعم الروسي للقضية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني على كافة الصعد .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق