مقبرة مأمن الله … أقدم مقابر القدس
إعداد:أ.د.حنا عيسى/ أمين عام الهيئة الاسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات
مقبرة مأمن الله وتعني بمعنى ماء أو بركة من الله، تعتبر من من أكبر المقابر الإسلامية في بيت المقدس، وتقع هذه المقبرة الإسلامية خارج سور القدس على بعد ميل واحد إلى الغرب من باب الخليل وتقدر مساحتها ب ” 200 دونم “، وهي مقبرة كبيرة واسعة تضم رفاة واضرحة أعلام وصحابة وشهداء وفيها عدد كبير من التابعين .
ومقبرة “مأمن الله” هي أقدم مقابر القدس عهدا وأوسعها حجما، وأكبرها شهرة ولقد ساير تاريخها تاريخ القدس، وفيها دفن عدد كبير من الصحابة والمجاهدين أثناء الفتح الإسلامي (636ب.م) ، وعندما احتل الصليبيون القدس وارتكبوا فيها مجزرة بشعة حيث قدر عدد الشهداء في هذه المجزرة من الرجال والنساء والأطفال بـِ(70.000) شهيد، أمر الصليبيون من بقي من المسلمين بدفن الشهداء في مقبرة “مأمن الله”، وفيها عسكر صلاح الدين يوم جاء ليسترد، وعندما حرر السلطان صلاح الدين الأيوبي – رحمه الله –القدس من يد الصليبيين أمر بدفن من استشهدوا في المعارك مع الصليبيين في نفس المقبرة.
توالى الدفن فيها بعدئذ فضمت قبور مئات العلماء والفقهاء والأدباء والأعيان والحكام من المدينة، وأحيطت المقبرة في أواخر العهد العثماني بسور عام 1318هـ وأستمر المسلمون في دفن موتاهم حتى عام 1927م حيث أصدر المجلس الإسلامي الأعلى حظرا على دفن الموتى فيها بسبب إكتظاظها واقتراب العمران إليها، وقام المجلس الإسلامي الأعلى أيام الانتداب البريطاني على فلسطين بترميمات متكررة لسور المقبرة وغرفة الحارس وتسوية منخفضات وخصوصا تعبئة حفر المحجر بالتراب، والروايات المعتمدة والمؤكدة تفيد أن الدفن في مقبرة مأمن الله استمر حتى نكبة عام 1948 في زمن الانتداب البريطاني خاصة بداية سنوات الثلاثين تعرضت مقبرة “مأمن الله” لانتهاكات متكررة، وفي ظل مخطط وضع سنة 1933 م لمقبرة “مأمن الله” وهو في جوهره يقتطع جزءا للبناء السكني وآخر للبناء التجاري، وثالث يكون حديقة عامة ورابعا يبقى مقبرة، إلا أن الجزء الأكبر من هذا المخطط نفذ في أواخر سنوات الستين وما بعدها .
بعض من عرف ممن دفن فيها الإمام عبد الله القرشي الهاشمي، والفقيه العالم ضياء الدين عيسى المكاري، وزير صلاح الدين. وقاضي القضاة برهان الدين بن جماعة شيخ الصلاحية عام 1276 م. والعالم الكمالي بن أبي شريف صاحب الأوقاف الذرية، والأمير صلاح الدين امزرد الناصري من أمراء المماليك. وقبر العالم شرف الدين إمام الحرم القدسي عام 1219م. وأيدمر الشيخاني ناظر الحرمين الشريفين (القدس والخليل). وفيها مقام العابد جلال الدين القلانسي ومقامه شمال القبة الكبكية (اكتشف عام 1946م). وفيها قبر صاحب التصانيف الشهيرة الشيخ شهاب الدين بن جبارة المقدسي النحوي شارح الشاطبية وألفية بن معطي. والحاج علون بن ابراهيم الرندي الأندلسي (صاحب سويقة علون في القدس الشريف )، وفيها دفن عماد الدين القرشي شارح صحيح مسلم.
الانتهاكات في مقبرة مأمن الله: