اخبار العالم العربي

زيارة لمخيم الزعتري للاجئين السوريين / ميساء الصح

زيارتي إلى مخيّم الزعتري ومخيّمات لاجئي الحرب السوريّين

تركتُ عش العصافير ورحتُ أركض على مسرحٍ مجنون
كان مشوارنا أشبه بقطعة من لغز ، خمس محافظات بعد الحدود قطعنا!! فمن أراد الدخول إلى هناك عليه بأن يسير بقوافل الرحمن وحينها فقط لن يحتسي وجع الحكاية!!
كانت الطريق شاقة طويلة ولكن متعة ما سترسمه على وجوه الاطفال ينسيك كلّ الجهد
يوما ما قلت لزوجي: أنا لا أودّ امتلاك المحيط لا، ولا سيّارة من أفخر الأنواع ولا…ما عدتُ أريدُ شيئا بعد أن شاهدتُ صورهم على شاشة التلفاز قبل بضع سنوات إلّا بأن أطمئنّ عليهم عن كثب!!
زرتهم لأنّي أدري تماما بأن خلف الكواليس تختلف الحقائق!!
هي صورهم في بُعدي عنهم تبقى محفورة على جدار الروح، هي أرواحهم مطحونة بين مشاعري

زياتي إلى مخيّمات الأطفال اللاجئين بعد حرب عمياء خلّفت يتامى جياع عراة ولن أكتب حفاة فقد ارتدوا أحذية صيفيّة في هذا البرد الحار!!!
لا حلم، لا منال، لا لقمة يسدّون فيها رمقهم وتمكّنهم من النوم إن لم يتساقط الثلج أو الأمطار أو يهجم البرد المتوحّش في تلك الليلة…
أهُم أطفال يعبرون على سكة الحياة لا عرش لهم سوى الهوامش!!؟بالتأكيد منهُم العبقري ومنهم من يستطيع أن يمنح للبشريّة ومنهم من يستطيع خدمة مجتمعه وتقديم اختراع ما!! فلماذا يذهب كلّ هذا سدى؟!

ما ذنب الكثيرين منهم؟! لا أب لا أمّ لا…
كان عليّ بأن أغرس بهم العزيمة بغد أفضل ولكن ماذا أقول لهم والحزن يسكن قلبي وحتّى خلايا اليراع!!
وشغاف قلبي الرقيق لا يستطيع حمل جبل الهموم؟!
أُسرعُ في كلّ عام لرؤيتهم وحينما أراهم ينمو بين ضفاف العمر جرحا ثانيا!!وهناك يرتاح التناقض، فرغم جرحي الثاني أشعر بسعادة تغمرني
سعادة؟
نعم سعادة
تتساءلون ما الذي يدفعني رغم البعد الجغرافي لزيارتهم ولزيارة غيرهم
زرتهم لأحقّق حلمي المباغت في ليلة حزن، كانت أصواتهم تناديني، كنت أسمعها، أشعر بها
زرتهم لأسعِدَ نفسي بسعادتهم، فليست السعادة سوى بإسعاد الآخرين

هناك جمعيّات خيريّة ترعى شؤونهم أو شئون من سنحت لهم الظروف بالقدوم إلى الجمعيّة!!
يتعلمون ؟
نعم هؤلاء الأطفال الذين يجاورون الجمعية وماذا عن البقية؟؟
هذا وإن نجح العاملون في الجمعيّة بإقناع الأهل الذين يتّكلون على ابنتهم بتقليم الأغصان لجني الأرباح بغية لقمة العيش ويرفضون تعليمها لسبب آخر وهو خوفهم عليها فما من أمان!!
غرف تعليميّة تتراوح ما بين الست والسبع، لا عمر محدّد، إحدى الغرف للاجئين من الحرب تسمّى غرفة الأمان، غرفة أطفال الحرب، غرف لإعاقات السمع، وغرف لإعاقات النظر، وغرفة لاعاقات التخلفات العقلية، وغرف لليتامى وأيّ وسائل وطرق واستراتيجيات مستخدمة؟!

وهي توائم بتفاصيلها، لا شيء سوى حيطان أربعة وبعض رسومات وخربشات وأوراق ممزّقة باهتة ألوانها
أعادتني لأقاصيص ذكريات صفّ الروضة خاصّتي لا بل ان صفّي كان يمتلئ بالكثير!!
شتان ما بينها وبين للتقدم؟!
لا شيء لديهم في الجمعيّة في ظل المناهج الرقميّة والاقتصاد المعرفي والتجارب العالميّة والثورة المعلوماتيّة والعالم التكنولوجي!!
ما ذنبهم!!

كنتُ أشبه بالمحقّق كونان وأنا أستفسر من القائمين والعاملين في الجمعيّات عن طرق تعليمهم وطرق مواكبتهم وخططهم المستقبليّة للتقدّم والتطوير وسرّني أن قدّمت لهم بعض الاقتراحات العمليّة التي سأراها بعون الله في العام القادم تحقّقت على أرض الواقع
حضنهم الأردن مشكور مبارك ولكن الدول الغربية ساعدتهم وأيّ مساعدة!! فكل هذا (التقدم) الذي أضعه بين قوسين لغاية في نفس يعقوب!!! جاء بمساعدة دول غربيّة ورغم المنافسة حول موضوع التعليم في العالم وعدم تقديم مساعدات في هذا المضمار إلا ان الدول الغربيّة تساعدهم!!! لِمَ لا وهل سينافسونها يوما؟!!هي تعرف تماما ماذا تفعل

تركتهم وأودعت هناك قطعة من روحي ويعلم الله بأنّي دائمة الدعاء لهم ولكلّ أطفال العالم في كلّ صباح ولن أنساهم يوما، يستجيب الله للدعاء ولكن هناك حاجة للعمل أيضا، وتأكّدوا نحن بحاجتهم أكثر من كونهم بحاجتنا، هم بانتظاركم ليسوا وحدهم وإنّما كلّ محتاج وكلّ مقعد وكلّ مريض وكلّ شيخ وكلّ طفل في كلّ زمان ومكان، ارسموا السعادة على وجوههم ليغرسها الله في قلوبكم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق