إنجاز فلسطين

“شيخ العطارين”: “الطب العربي” بغزة باقٍ ولم يطمس

داخل محله الصغير، المكتظ بالزيوت العلاجية والأعشاب، يجلس الحاج فايز زين الدين (84 عامًا) للعمل بـ “العطارة” التي لم يعرف غيرها من المهن.

منذ 60 عامًا يجلس الحاج زين الدين داخل محله الصغير في سوق الزاوية وسط مدينة غزة، للعمل في مهنته المفضلة التي اكتسبها وتعلّم أصولها من والده في صغره.

يقول العطار زين الدين لـ”الوطنية”: “علّمني والدي أصول هذه المهنة، وعملت معه إلى أن توفي، ثم قررت مواصلة العمل من بعده في المحل الذي ورثته عنه، والآن أعمل على تعليمها لابني حتى يواصل من بعدي”.

بداية المشوار

اعتاد الحاج فايز على الذهاب إلى محل والده في ذات المكان، فور عودته من دوامه المدرسي، إذ بدأ تعليمه بأخذ الأوراق، والزيوت، والأعشاب، وترتيبها لوالده، وبعد ذلك تطور تعلّمه بممارسة هذه المهنة تدريجيًا، من خلال تعليم والده له.

وإبان الحكم المصري لقطاع غزة، بدأ الحاج في استيراد الأعشاب المتنوعة من الدول المجاورة كمصر، ولبنان، وسوريا، وأحيانًا الهند، يقول: “كانت تلك الأيام جميلة، والعلاج بالأعشاب متداول وعليه إقبال كبير”.

الأعشاب

وعن أنواع الأعشاب التي كانت مرغوبة، يقول الحاج:” اعتاد الناس على التداوي بأعشاب (رجل الأسد)، و(حبة الرشاد)، و(رجل الحمامة)، و(الهند شعيري)، قبل انتشار مهنة الطب والمستشفيات في قطاع غزة، ولكن بعد احتلال “إسرائيل” للقطاع، ذهب الناس للتداوي بالمشافي، والصيدليات”.

وبسبب اللَّبس بين الأعشاب والتوابل، فرّق الحاج فايز بينهما بالقول:” الأعشاب الطبية تستخدم للعلاج، وتختلف عن الأعشاب التي تستخدم كتوابل (كاليانسون والمرمية والبابونج والشومر)، إذ تستخدم كتوابل وفي بعض الحالات كعلاج، من خلال غليها وشربها”.

الطب البديل

وعن استخدام الأطباء لما يعرف بـ “الطب البديل”، تابع الحاج فايز حديثه: ” لجأ الأطباء إلى الطب البديل في حالات عدّة، إذ لم يجدوا لها علاجًا في الطب الحديث، ومن هذه الأمراض (الصدفية) و(الثعلبة)”.

وأضاف أن وزارة الاقتصاد حذرت مؤخرًا من قرار قريب بسحب الزيوت من العطّارين، لكنها تراجعت عن هذا القرار، موضحًا أن السبب في ذلك يكمن أنه” في حال تنفيذ هكذا قرار، لن توجد علاجات للأمراض المذكورة وأمراض جديدة أخرى”.

إقبال الناس

ولفت الحاج زين الدين إلى أن الفلسطينيين عادوا، في الفترة الأخيرة، للتداوي بالطب العربي، ما يدل على أن مهنة العطارة ما زالت هامّة، ولم يطمسها الطب الحديث”.

ونوّه إلى أن قلة النقود والخصومات في رواتب الموظفين أعادت الناس للتداوي بالأعشاب، كما أنه يعطي نتائج أفضل ويعتبر علاج طبيعي 100%، وقليل الثمن بالنسبة للعلاج داخل الصيدليات الذي عادةً ما يكون سعره مرتفع بالنسبة للناس.

الصعوبات والخطط المستقبلية

وتابع العطار فايز حديثه: “قديمًا كانت الحياة مريحة ولا يوجد أي مشاكل نعاني منها، لكن في الوقت الحالي أكبر مشكلة نواجهها هي الاحتلال الإسرائيلي والحصار الذي يعاني منه قطاع غزة، وهذا أثر على اقتصاد البلد بشكل كبير، ما جعل الناس غير قادرة على شراء العلاج و التسوق”.

وعن استيراده للأعشاب، يقول زين الدين أنه في الوقت الحالي نستورد الأعشاب من مصر وبعض الأعشاب تتوفر هنا في القطاع، ولكن هناك صعوبة في استيراد الكثير من الأعشاب من الدول الأخرى بسبب الحصار وإغلاق المعابر بشكل مستمر.

وعن خطط المستقبل، يقول الحاج فايز إنه لا يستطيع توسيع محله الآن، لأن الصحة لم تبقى كما هي، ويفضل البقاء بهذا المحل البسيط، يضيف “علمت ابني المهنة، ومن بعدي يستطيع فعل ما يريد وما يراه مناسبًا في ذلك الوقت”.

Image

Image

Image

Image

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق