الصحه والجمال
مخدر في الفراولة …. !!!!!
مخدر في الفراولة …. !!!!!
كاتب : أسامة مسلم
حذرت مديريات التربية والتعليم من انتشار اقراص حبوب المخدرات بين الاطفال في المدارس وخصوصا حبوب الفراولة , والتي تم تداولها في الاونة الاخيرة بين الاطفال , والعمل على التصدى لمروجي المخدرات بين شريحة مهمة في المجتمع مثل الاطفال والمراهقين والشباب وحماية الانزلاق الي الهاوية , لما تمثله من اهدار لأهم موارد في المجتمع ويمثل حقا من حقول الطفل , ويذكر ان حبوب الفراولة ليس لها اسم علمي لمادة مخدرة , فالمتداول اسماء تجارية أخري , يبدو ان هناك لبس واضح في الاسم المتداول , على سبيل المثال في مصر يقصد بــــ اقراص الفراولة مادة الترامادول , وفي دول اخرى يقصد بها مادة تعمل على الجهاز العصبي ولها تأثير المخدر وتسمي علميا بريجابالين , وتشير التقارير الاخيرة ان عدد الاطفال الذين يتعاطون المخدرات بأنواعها وصورها في العالم العربي تتراوح بين 7-10 ملايين , ما يكيد الاقتصاد مبالغ طائلة للعلاج والتأهيل من ناحية , والقضاء على اهم عنصر فاعل في البناء والتنمية من ناحية اخري , وانتشار امراض اخري تتعلق بالتعاطي , ما يحتاج قدرا كبيرا من الجهود بين المؤسسات في المجتمع للقضاء على هذه آلافه الخطيرة التي باتت تشكل خطرا كبيرا وتعمل على قطع اواصر المجتمع , وتعطل مسيرته نحو التقدم والرقي.
يري د. نمر دلول ” استشاري أمراض المخ والأعصاب ان حبوب الفراولة بمختلف اسمائها لاقت رواجاً لافتاً للأنظار عند شريحة الاطفال والمراهقين خاصة لما لها تأثير محبب النفس وكأنه السحر , فبعد تناولها بدقائق يتغير مذاق الطعام الحامض او الحار الى المذاق الحلو , انها حبوب الفراولة والتي اساء بعض الاشرار والمروجين اليها على انها حبوب تساعد على التركيز وتحسين القدرات لدي الطلبة , إلا ان حبوب الفراولة يعتقد بأنها تحتوي على مواد مخدرة وهي مادة الامفيتامين , والتي قد تحدث الكثير من الاعراض الجانبية و قد تسبب الادمان عليها وبالتالي تتحقق اهدافهم الخبيثة بجعل الطفل لا يستطيع الفكاك والتخلي عن تلك الاقراص اللذيذة والتي تخفي بداخلها الخطر على الادمان بفعل المواد المخدرة التي تحتويها .
ويذكر دلول ان حبوب الفراولة تتعدد اشكالها وألوانها , ويعتمد من ينتجها على ان تكون ذات الوان جميلة ومثيرة لانتباه الأطفال مما تجذبهم وتدفعهم لتجريبها , ويؤكد دلول ان حبة الفراولة لها تأثيرات جسمية على الجهاز الهضمي وقد تتلف الجهاز العصبي والدماغ على وجه الخصوص , وتعمل على تغيير سلوك الطفل فتحوله الى طفل عدواني , وعدم القدرة على اتخاذ القرار السليم والهلوسة , وارتخاء العضلات وصولا لفقدان الوعي , وحدوث التشجنات العضلية العامة , وقد يسبب بعضها انهيار وفشلا للكلي حتى قد تصل الى الغيبوبة والوفاة في بعض الحالات .
ترى ياسمين عليان ” دكتورة علم نفس التربوي ” أن فئة الاطفال و المراهقين أكثر عرضة للتعاطي بحكم طبيعتهم النفسية وحبهم للتحدي وتجريب كل شيء غريب وجديد ،خاصة أن منتجي هذه الأدوية المخدرة يتعمدون إظهار المنتج على شكل بوم “مبوني ” كالحلوى وانتقاء ألوان جذابة ومثيرة لانتباه الأطفال اعتادوا على شرائها , مما تجذبهم وتدفعهم لتجريبها مثل مخدر الفراولة الذي يأخذ شكل لافت تروج على انها تساعد على التركيز الدراسي والاستيعاب فيقع ضحيتها الأطفال وفي الأغلب الأطفال الكسالى و الأطفال الذين يعانون من الحرمان أو التدليل الذائد فنجدهم يعيشون في أسر تفتقد للاستقرار في العلاقات الزوجية و الطلاق ويفتقدون لعطف أحد الوالدين وإرشادهم وتوجيهم وقد تكون الرقابة ضعيفة أو معدومة فيجد نفسه وحيدا ضائع مابين صراع مشاعر وقيم رافضة وأخرى مشجعة باحث عن الاستقرار النفسي فيجد نفسه فريسة سهله الاستقطاب بهدف تعويضه عن الحرمان العاطفي .
وتشير عليان ان الطفل المدمن عادة ما يتميز بالخجل وضعف الثقة بالنفس ويميل الي الكابه ، فيصبح المخدر بالنسبة للطفل المدمن حالة من خفض التوتر و مستوى الدفاعية و تجعله في حالة هستيرية خارج عن وعيه و الخروج عن الواقع والهروب من المشكلات النفسية والاجتماعية , و فقدان شعور الطفل المتعاطي بالنشوة واللذة الهستيرية من التعاطي يجعله في حالة اكتئاب شديد وفقدان للأعصاب يدفعه للاستمرار بالتعاطي قد يؤدي به إلى التغيب والتسرب من المدرسة والكسل والسرقة والكذب وتتقلص علاقاته الاجتماعية.
وتتوه عليان إلى ضرورة الاهتمام بفئة الاطفال والمراهقين , من خلال عمليات التخطيط الاجتماعية والتربوية والتوجيه والإرشاد النفسي والاجتماعي والإرشاد الأسري والرقابة الأسرية والتربوي على وجه الخصوص في تحقيق النمو النفسي والاجتماعي والدراسي بصورة جيدة ، وضرورة متابعة الأهالي لكل ما يتناوله أبنائهم داخل المنزل وخارجه ومراقبتهم لسلوك أبنائهم والاستشارة و المتابعة الطبية في حالة وقوع طفل في التعاطي أو وجود أي خلل في السلوك.
ويري ميثاق الضيفي “دكتور العلاقات الدولية والاقتصاد ” ان مستوي حجم خطر المخدرات ارتفع ليصل الي مستوي كبير مسبب الكثير من المشاكل العالمية كالتطرف والجرائم والفساد , ومن اخطر تلك الجرائم المخدرات لأنها تستهدف الاطفال والمراهقين الذين هم حاضر الأمه ومستقبلها , وتهدد دول العالم لما لها من تأثير مدمر على الشباب وأفراد المجتمع وصانعي التنمية ومتخذي القرار , كما ان تعاطي المخدرات من الظواهر الاجتماعية الامنية التي تحكمها الابعاد السياسية والتربوية والإعلامية في كل مجتمع وتبرز خطورتها عندما تؤثر على الشباب .
ويضيف الضيفي ان ظاهرة تعاطي وإدمان المخدرات اصبحت مثيرة للذعر والرهبة الى حد كبير لدى مجتمعات العالم المدركة لأخطاره ، اذ انها أصبحت تهدد متداوليها أو متعاطيها خاصة والمجتمعات البشرية عامة . ولوحظ ازدياد اعداد الشباب المتعاطين للمخدرات مما ادى الى ارتفاع حالات الانتحار التي نشهدها بكثرة بمجتمعاتنا العربية ، والعنف ,والتنمر ، وانتشار العديد من السلوكيات المنحرفة كالجريمة والجنوح وتزييف العملة …الخ .
ويؤكد الضيفي على ان المسؤولية تقع على عاتق المؤسسات الحكومية والأهلية للحد من ظاهرة تعاطي المخدرات بين الاطفال والشباب وذلك عن طريق تثقيف الطلبة وتدريبهم على سبل الوقاية , وإنشاء مراكز الارشاد النفسي وعيادات الصحة النفسية وعيادات التأهيل الطبي , وضرورة الاعتماد على الاساليب النفسية العلمية الهادفة للتخفيف من معاناة الشباب ومساعدتهم في التغلب على حالة الادمان , ووضع استراتيجية تهدف الي منع وحظر استهلاك المخدرات في المؤسسات التعليمية بين الطلبة .
تري نيرمين البورنو ” دكتورة تكنولوجيا التعليم” ان التكنولوجيا لعبت مؤخرا دورا كبيراً وهاماً في مجال مكافحة الجريمة , وكشفت عن غموض الكثير من الجرائم , مثل حادثه القبض على عصابة تجارة المخدرات
الي تمت عن طريق تطبيق الواتس اب , فلقد ساعد التطبيق رجال الشرطة في المملكة المتحدة على اعتقال وأدانه عدد من اعضاء عصابة مخدرات شهيرة , بفضل بصمات الاصابع المأخوذة من صورة تم ارسالها عبر التطبيق , اذ وقعت الاعتقالات بعدما اكتشفت الشرطة في ” ويلز ” صورة على تطبيق المراسله على هاتف شخص اخر تظهر كف اليد الخاص بأحد المتهمين , وعلى الرغم من ان اجزاء الاصبعين الظاهرة في الصورة لا تتطابق
مع بصمات الاصابع المسجلة لدي الشرطة , لكنها ادت الي اكتشاف معلومات اخري تربط الصورة بأحد تجار المخدرات , وبمجرد القاء القبض على المشتبه فان ضابط الشرطة كانوا يضاهون بصمات الاصابع التي ظهرت في الصورة , وأدت المعلومات في النهاية الي ادانة 11 شخصا , وتلك الادانات يعتقد انها الاولي التي تحدث بناء على بصمات الاصابع المأخوذة من صورة مرسلة عبر واتس اب.
وتشير البورنو ان هناك العديد من الدراسات والأبحاث الامريكية التي تؤكد على ان ممارسة العاب الفيديو واستخدام وسائل التواصل الاجتماعية لبت رغبات الكثير من الشباب والأطفال في الاكتشاف والبحث والحاجة للحصول على نشاط جديد ومبتكر , وساهمت في الحد من ظاهرة الادمان , فلقد كشفت دراسة حديثة أجرتها جامعة ميشيجان الأمريكية ، أن المراهقين لم يعد لديهم الوقت لتعاطى المخدرات ، بسبب إدمانهم للهواتف الذكية وأجهزة التابلت والتليفزيون .
ويري عبداللطيف ابوبكر “استاذ المناهج وطرق التدريس” ان المجتمعات الانسانية تعاني من ظاهرة انتشار المخدرات , وما ينتج عنها من جرائم ومخاطر تهدد سلامة افراد المجتمع , وتعطل قدرات الانسان وطاقاته العقلية , والنفسية , والجسدية , عن التفكير بطريقة سليمة والعمل والإنتاج , حيث تنتشر ظاهرة ادمان المخدرات بصورة متنامية في معظم دول العالم على اختلاف اوضاعهم الاقتصادية , والاجتماعية , والثقافية .
ويضيف ابو بكر ان المشكلة الرئيسية لا تتوقف عند ادمان المخدرات وتأثيراتها الصحية والاجتماعية والنفسية والاقتصادية , ولكنها تمتد الى النقص الشديد في المعلومات المتعلقة بأنواع المخدرات وخصائصها والعوامل المؤدية الى انتشارها . اذ ان هناك قطاعات كبيرة في المجتمع تفتقر الى هذه المعلومات ويرجع ذلك الى ان المخدرات من السلع الممنوعة وبالتالي فالمعلومات المرتبطة بها غير متوفرة اغلب الاحيان . كما ان النقص الواضح في المناهج الدراسية ووسائل الاعلام لعب دورا كبيرا في حجب المجتمع عن التعرف على مضار المخدرات.
وينوه ابو بكر ان مشكلة ادمان المخدرات هي ظاهرة مجتمعية لها اثارها المدمرة على الفرد والأسرة والمجتمع , الامر الذي يتطلب تضافر الجهود , من اجل الحد من هذه الظاهرة او القضاء عليها بأسلوب علمي وفق خطة وطنية والعمل على ان يعمل المجتمع يداً بيد بكل مؤسساته وأجهزته وشرائحه لتتضافر الجهود , والتنسيق مع الدول الأخرى من حيث التعاون الأمني والاستفادة من تجارب الغير في مكافحة المخدرات .
وتري سيفين مكي ” محاضر في الفقه المقارن ” ان المخدرات الطبيعية والعقاقير ( المصنعة) انتشرت وتعددت أشكالها وألوانها ومنها حبوب الفراولة , فهي دواء يندرج ضمن الأدوية المخدرة فتناولها يؤثر سلبا على صحة الإنسان كما أدلى أهل الاختصاص بالإضافة إلى الأضرار الاجتماعية والاقتصادية التي تترتب عليها أيضا والمقرر شرعا أنه “لا ضرر ولا ضرار “ فكل ما يجلب الضرر فهو حرام هذا من جانب , ومن جانب آخر ثبتت حرمة هذه العقاقير المخدرة أيا كان اسمها أو شكلها قياسا على الخمر في أحكامها لاشتراكهما في علة الحكم فأحكام الاسلام تنبع من المحافظة على الانسان وكرامته والمحافظة على المصلحة العامة فالضرورات الخمسة التي توجب أحكام الشريعة حمايتها هي : (الدين الحياة العرض النسل المال) فهذه العقاقير فيها ضرر على العقل والخلق والجسد أكبر من ضرر الخمر ,و بالتالي حكمها حكم الخمر من باب أولى وأقول لمن يعتقد جوازها في حال استخدامها كعلاج يحرم التداوى بحرام لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (إن الله أنزل الداء والدواء وجعل لكل داء دواء فتداووا ولا تداووا بالحرام ) إلا إذا كانت ضرورة ملحة كعدم وجود بديل لتخفيف آلام كبيرة فلا بأس في هذه الحالة لأنه مقرر شرعا أن” الضرورات تبيح المحظورات “ ولكن بوجود ضوابط شرعية وأهمها أن تعطى تحت إشراف المتخصصين وبقدر الضرورة فقط .
وتضيف مكي أن كل من أعان على نشر مثل هذه السموم المدمرة سواء بالزراعة أو التجارة بها أو الترويج لها أو توزيعها أو بيعها فقد أعان على معصية بل قد أعان على قتل نفس بريئة أي ارتكب موبقة من الموبقات الهالكة التي تودي بصاحبها إلى نار جهنم خالدا فيها كما قال تعالى : “ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما ” النساء : 93.
وأكد الخبراء الستة انه ينبغي على المؤسسات الحكومية والتربويين والمختصين وأولياء الأمور تنبيه اطفالهم وتوعيتهم بمعرفة مخاطر الادمان , والعمل على انشاء مراكز الارشاد النفسي وعيادات الصحة النفسية للتخفيف من معاناة الشباب ومساعدتهم في التغلب على حاله الادمان ,كما ينبغي على الجهات المسئولة القيام بعمل مراقبة على المؤسسات التعليمية .