الدين والشريعة
على ماذا يجتمع السنة والشيعة؟ وما الذي يفرقهم؟
على ماذا يجتمع السنة والشيعة؟ وما الذي يفرقهم؟
عوامل الالتقاء والتفرقة بين السنة والشيعة
كيو بوست – همسة سماء الثقافة
يمر الصراع الطائفي بين السنة والشيعة في العقد الأخير بواحدة من المراحل الأكثر دموية وخطورة. ولا يبشر استشراف المستقبل في هذا الشأن بالكثير، فلماذا يستمر هذا الصراع، في حين أن محطات الالتقاء بين المذهبين تطغى على تلك التي يسود فيها الخلاف؟
داخل معترك التوتر المتزايد بين أبناء الطائفتين، اللتين تقفان خلف تدهور دول عدة في المنطقة العربية، تتسع الهوة بين أبناء الشعب الواحد، وتغرق معها عوامل التقارب وتتلاشى تدريجيًا، لكن تساؤلًا يدور في أذهان المعتدلين، هل يحتاج الخلاف إلى كل هذا الصراع؟
يقول هؤلاء المعتدلون إن ما يجمع السنة والشيعة أكثر مما يفرقهم، وبالوقوف أمام هذه الحقيقة يمكن إبراز محطات خلاف وتقارب عدة.
الالتقاء بين السنة والشيعة
تؤمن كلا الطائفتين بالنبي محمد، كآخر المرسلين، وكنبي الإسلام، كما تؤمنان بكتاب واحد هو القرآن الكريم، وديانة واحدة قائمة على التوحيد هي الإسلام، وكل ما يرتبط بها من عبادات، كالصلاة والصوم والحج.
يقول د. محمد سليم العوا في كتابه “العلاقة بين السنة والشيعة”، إن “ما يجمع بيننا وبين إخواننا من الشيعة الإيمان بالله تعالى ربًا، وبمحمد نبيًا ورسولًا، وبكل ما جاء به من عند الله تبارك وتعالى، وكذلك الإيمان بالقرآن كتابًا منزلًا من عند الله، والالتزام بالأحكام العملية من صلاة وصيام وزكاة وحج”.
ويجمع بين السنة والشيعة الإيمان بالقرآن، لكن بعض علماء السنة يرون أن نظراءهم الشيعة يعتقدون بأن القرآن محرف بالنقص منه. مثل هذا الالتباس ينفيه كبار أئمة الشيعة وأبرزهم هبة الله الشهرستاني والإمام الحجة البلاغي وآية الله خميني والشيخ المفيد والمحقق هادي.
يتفق المذهبان السني والشيعي في جوهر الدين والعبادات، لكن في مرحلة ما بعد وفاة النبي محمد حدث الشق الأكبر، وبني عليه الكثير من الخلافات.
ما هي نقاط الفرقة الرئيسة؟
يؤمن الشيعة أن التشيع هو الإسلام، والمقصود أن المسلم يجب أن يتشيع ويوالي علي بن أبي طالب، بدلًا من موالاة غيره من الصحابة الذين خلفوا النبي محمد، أبرزهم عمر بن الخطاب وأبو بكر الصديق.
وفي وقت ذهبت فيه الخلافة إلى أبو بكر الصديق بعد النبي محمد ثم إلى عمر بن الخطاب، يرى الشيعة أن النبي محمد أوصى قبل موته بالولاية لعلي من بعده.
وبناء على هذا الاعتقاد، يرون أن الطوائف الإسلامية مستحدثة، ووضعت أسسها من قبل الحكام والسلاطين من أجل “الابتعاد عن الإسلام الذي أراده النبي محمد في الأصل”.
كثير من المفكرين يعتبرون أن الخلاف بين الشيعة والسنة سياسي بالأساس، وليس دينيًا، منطلقين بذلك من حقيقة أن الفرقة نشأت بسبب أحقية من يخلف النبي لا أكثر.
خلافات
يجمع الباحثون أن 5 مسائل تشهد خلافًا كبيرًا بين السنة والشيعة، جاءت كنتيجة للخلاف الأكبر المتعلق بأحقية الخلافة.
يختلف السنة والشيعة في مسألة من هو المعصوم. عند السنة، المعصومون هم الأنبياء فقط، أما الشيعة فيؤمنون أن العصمة للأنبياء والأئمة الـ12 من أهل البيت، أي علي بن أبي طالب وابنيه الحسن والحسين وتسعة أبناء من نسل الحسين.
مسألة خلافية أخرى تتمثل بأن أهل السنة يعتبرون أن جميع الصحابة منزهون ويجب احترامهم واحترام أقوالهم، أما الشيعة، فيرون أن الصحابة بشر عاديون وفيهم المخطئ والكاذب وحتى المرتد عن الدين.
ومن المسائل الخلافية أيضًا، مسألة زواج المتعة، إذ يعتبر عند الشيعة مباحًا؛ بل ويزيدون أن عليه الأجر والثواب، أما عند السنة فهو حرام؛ بل ويصنف في خانة الزنا.
السياسة أججت الصراع
في كتابه، يوجه الدكتور محمد سليم العوا الاتهام في التفريق بين السنة والشيعة إلى السياسة.
ويستشهد على ذلك، بأنه خلال الثورة الإسلامية في إيران عمد الغرب لإجهاضها -عندما لاحظ أن قلوب المسلمين كانت معها- عبر تحريض النظام العراقي ضدها، الأمر الذي أدى إلى اندلاع حرب دامت 8 سنوات.
واليوم تشهد الفرقة مرحلة خطيرة، بعد اندلاع ثورات الربيع العربي وتدخل إيران في سوريا وتأجيجها الصراع الطائفي.
“السياسة وراء التفريق بين السنة والشيعة، فهي السبب في البدء وهي السبب في المنتهى، هي السبب في زمن الصحابة والتابعين، وهي اليوم كذلك في زماننا ووقتنا الرديء. وتوحيد الأمةيحتاج إلى جهد جبار وشاق جدًا، ولكنه ضروري، ومن أوجب واجبات العلماء”، قال الدكتور العوا.