لماذا اهتمت إسرائيل بالقرن الإفريقي !!
( مداخلتي في مركز رؤية في قراءة لأطروحة ماجستير في المركز )
اهتمت إسرائيل بإفريقيا من بداية نشأتها فكانت ذراعا للاستعمار في تلك القارة و كان أكثر علاقاتها من نظام الإمبراطور هيلا سيلاسي حاكم أثيوبيا على أنه آخر حاكم من سلالة بلقيس و سليمان و من أكبر القيادات الماسونية, و كذلك كانت على شكل توأمة مع نظام الفصل العنصري في روديسيا و جنوب إفريقيا لأنهما نفس النسخة الاستيطانية و وجهان لعملة واحدة فكانت التجارب النووية و الزراعية و تجارة الماس و تهريب اليورانيوم و التعاون الأمني و الاستخباراتي على إفريقيا عامة و مصر خاصة في عهد عبد الناصر لأنه المنافس الوحيد و الداعم لكل ثورات التحرر في القارة السوداء فكان ضرب مصر هو الهدف الأول ليروق لهم الحال و تؤمِّن سلامة إسرائيل, لذلك اشتغلت إسرائيل على ثلاثة محاور, إفريقيا, إيران الشاه و تركيا و كان الملف الإفريقي هو الأهم لأن مصر هبة النيل كما يقولون و هنا مربط الفرس.
و لأن المنطقة العربية صحراوية بشكل عام و فقيرة بالمياه , لذلك لم تكن الحضارات في هذه المنطقة إلا في مصر وبلاد الشام و العراق و يعود الفضل بعد الله لتلك المياه التي تأتي عبر الأنهار التي تأتي من بلاد خارج نطاق العمق الاستراتيجي العربي ليمتد هذا العمق إلى منابع تلك الأنهار و هذا ما جعل محمد علي باشا يضع حجر الأساس و يهتم بالعمق الإفريقي و منابع النيل الذي يمد مصر بشريان الحياة لتمتد مملكته في العمق الاستراتيجي المصري حتى أثيوبيا و لم يوقفه إلا عدم وجود خطر على مصر من تلك التجمعات البشرية البدائية في إفريقيا التي لا تستحق المغامرة بالجيش المصري في غابات و أوحال تلك المناطق.
لذلك لعبت إسرائيل مع أوغندا إضافة إلى ما سبق ذكره من الدول و ذلك للتحريض و اللاعب في حصة مصر من المياه و نجحت أخيرا في فصل جنوب السودان و في بناء سد النهضة الأثيوبي التي لم تتجرَّأ على بنائه لولا التراجع المصري في القارة السوداء, فكلما تراجعت مصر كلما مدَّت إسرائيل أذرعتها لتصبح اللاعب الوحيد في المنطقة لتتحكم في حنق من تريد و تفتيت من تريد و خلق القلاقل أينما تريد بتحفيز النعرة القومية و الطائفية و بث سموم التفرقة و الانفصال, كما فعلت في محاولة تعطيش العراق بالتعاون مع أمريكا و تركيا حليفها الاستراتيجي في مشروع تطوير جنوب هضبة الأناضول و بناء خمسة عشر سدا أكبرها سد أتاتورك و الذي بإتمام هذا المشروع بهذه السدود سوف لا تصل مياه الفرات للخليج لأنها ستجف في الصحراء قبل انتهاء الرحلة و لم يوقف هذا المشروع إلا استدراج العراق في فخ الكويت و عليه توقف المشروع أو أُجِّل لأن الغرض منه جاء بطريقة أخرى بل أكثر ربحا و فائدة بتفكيك العراق و جيشه و سرقة أمواله و مدخراته و تدمير اقتصاده بعد أم هنأت إسرائيل بطول سلامة.
أما اهتمامها بالبحر الأحمر فقد ظهرت جليا بعد أن أغلق السادات باب المندب في حرب أكتوبر الذي شل ميناء إيلات الإسرائيلي و اعتبر البحر الأحمر بحيرة عربية و أعلن ذلك على الملأ و من هنا و فور انتهاء إسرائيل من اتفاقيات فصل القوات في محادثات الكيلو 101 و تثبيت وقف إطلاق النار, هرعت إسرائيل لاحتلال جزيرة يمنية تتحكم في مرور البواخر من باب المندب بعد أرسلت كوماندوز بلباس صيادي سمك يمنيين تبعته بقواعد صواريخ و بوارج حربية من ذلك التاريخ إلى الآن و من ثم الاتفاق مع أثيوبيا و إريتريا بعد الانفصال باستئجار جزر تدعم ذلك التواجد بقواعد عسكرية تستطيع أن تغلق المضيق بالقوة العسكرية دون أن يمنعها أحد لتلغي حلم السادات ما دامت إسرائيل على قيد الحياة.
و باتفاقيات كامب ديفيد, كان الانتصار الإسرائيلي الذي فرط عقد التحالف العربي بقيادة مصر بعد أن أخرجها من صف العداء لإسرائيل و تكبيلها باتفاقيات جعلتها أسيرة الالتزام بما وقعت عليه و من هنا جاء الانتصار الحقيقي للدبلوماسية الإسرائيلية بكامب ديفيد الذي كان بوابة الانتصارات الدبلوماسية بإلغاء قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بأن الصهيونية شكل من أشكال العنصرية تبعه قرار إلغاء مقاطعة الشركات العالمية التي تتعامل مع إسرائيل الذي أدى إلى إغلاق مكتب المقاطعة العربية الكائن في دمشق.
من هنا نصل إلى نتيجة أن كلما تراجع دور مصر ظهر دور إسرائيل و هذا ما نراه واضحا في انفصال جنوب السودان و صولات إسرائيل و جولاتها في العراق و سوريا و ليبيا و قد تكون أيضا اليمن لذلك بقيت القضية الفلسطينية في حالة موت سريري تعيش على أكياس محاليل و أجهزة إنعاش اتفاقيات أوسلو الجائرة بحق الفلسطينيين بسكوت و خنوع عربي تام و لن أقول مباركة عربية!!!