منوعات
في إحدى القرى الريفية المنسية جنوب أوكرانيا، وُلدت طفلة صغيرة عام 1983، اسمها أوكسانا مالايا. كانت مجرد فتاة عادية… حتى تدخل القدر في حياتها بقسوة. / إستمع

في إحدى القرى الريفية المنسية جنوب أوكرانيا، وُلدت طفلة صغيرة عام 1983، اسمها أوكسانا مالايا. كانت مجرد فتاة عادية… حتى تدخل القدر في حياتها بقسوة.
في عمر الثالثة، لم تجد أوكسانا دفئًا في حضن أم، ولا أمانًا في صوت أب. والداها كانا غارقَين في إدمان الكحول، لا يتذكران أن هناك طفلة صغيرة تحتاج إلى طعام، إلى غطاء، أو حتى كلمة طيبة.
وفي ليلة باردة، لا تحمل من الرحمة شيئًا، خرجت أوكسانا من بيتها الصامت الجائع… تبحث عن الحياة.
سارت خطواتها الصغيرة حتى وصلت إلى زريبة الكلاب خلف المنزل. لم تكن تعرف أن حياتها ستبدأ هناك، في ذلك المكان الذي ينبح فيه الأمان.
الكلاب… نعم، الكلاب كانت أكثر حنانًا من البشر.
احتضنتها، الكلاب لتدفئها بجسدها، تقاسمت معها بقايا الطعام، لم تسألها من أنت، بل قبلتها كما هي.
وهكذا… عاشت أوكسانا معهم. لم تعد تقف كالبشر، بل أصبحت تزحف على أطرافها الأربعة. لم تتعلم الكلام، بل أتقنت النباح.
خمس سنوات كاملة، لم ترَ فيها وجه إنسان يبتسم لها، أو يسمعها باسمها. كانت واحدة من القطيع. لا أكثر.
في عمر الثامنة، لاحظ الجيران وجود طفلة تزحف وتنبُح وتلعق يديها، تُشبه الكلاب أكثر مما تُشبه الإنسان.
أبلغوا الشرطة، فجاء رجال الإنقاذ، واقتربوا منها…
لكن أوكسانا لم تفهم من هم، ولا ماذا يريدون. كانت تزمجر وتدافع عن بيتها… الكلاب.
تم أخذها إلى دار رعاية. لم تكن تعرف حتى كيف تجلس على كرسي. كل حركاتها وغرائزها بُنيت في عالم غير بشري.
بدأت رحلة العلاج النفسي، التعليمي، والسلوكي.
علموها كيف تمسك الملعقة، كيف تنطق أول كلمة، كيف تضحك… لكنها لم تضحك كما نضحك نحن.
قال الأطباء: “ما فاتها في الطفولة، لا يمكن استعادته بالكامل. لقد خُدش نسيج إنسانيتها في العمق.”
ومع مرور السنوات، استطاعت أوكسانا أن تتعلم الكلام والمشي، لكنها لم تستطع أبدًا أن تمحو النباح من ذاكرتها.
اليوم… تعيش أوكسانا في دار رعاية خاصة، وتعمل في مزرعة تهتم بالحيوانات… ربما لأنها الوحيدة التي لم تخذلها يومًا.
وحين سُئلت ذات مرة: “من هي عائلتك الحقيقية؟”
أجابت بهدوء: “الكلاب… هم من ربّوني… هم من احتضنوني.”
ليست مجرد قصة غريبة، بل صفعة مؤلمة على وجه الإنسانية.
أن تُحرم من الحب في أولى سنواتك… كأن تُحرَم من التنفس، من أن تكون بشرًا حقًا.
وأن تكون الكلاب أكثر رحمة من بشر… فذاك ليس عيبًا في الحيوان، بل جر*يمة في قلوبنا.