ذات مرة رأيت أبا يضرب ابنه الصغير في السوق امام الناس وقد أغضبني تصرف الاب مع ابنه ، واستغربت في قرارة نفسي من غلظة وقسوة بعض الآباء والأمهات في التعامل مع أبنائهم وكيف تكون قلوبهم خالية من الرحمة والحنان والشفقة .
الله تعالى وضع في قلب الأبوين حباً وعاطفة ورحمة على أولادهما، ولذلك على الأبوان التسلح بالصبر والحنان في تربية أولادهما، فالاولاد زينة الحياة الدنيا حيث قال تعالى: ” الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً ” ، وكذلك قرة عين لوالديهم إذ قال تعالى: ” وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا “
نعم ان الله وضع في قلوب الآباء والأمهات شعور العاطفة والحنان والرأفة والرحمة بالأولاد . وهذا الشعور نتائجه وآثاره عظيمة وإيجابية في تربية الأولاد وتنشئتهم ، أما إذا تجرد أحد الوالدين أو كليهما من الرحمة، وتعاملا مع فلذات أكبادهم بفظاظة وغلظة وقسوة ، فإن ذلك سيؤدي إلى انحراف الأبناء ووضعهم في حال الشقاء ومستنقعات البؤس و التعقيدات النفسية حاضرا ومستقبلا .
لقد أجمع علماء التربية أن الأبناء إذا عوملوا معاملة قاسية من قبل والديهم ، وتعرضوا لضرب شديد وتوبيخ وتحقير وسخرية، فإن ردود الفعل ستظهر في سلوكهم وخلقهم، وقد يُصاب بعض هؤلاء الأبناء باضطرابات نفسية مُزمنة، أو يؤدي بهم الأمر إلى الانحراف نتيجة القسوة والمعاملة القاسية ، ومنهم من سيتعامل مع أبنائه بعنف عندما يكبر ويصبح عنده اولاد ، لأنه تعرض في طفولته لمعاملة قاسية من أبويه .
يتوجب على الآباء تجنب المعاملة الفظة القاسية، والعقوبة الشديدة مع الأبناء بحجة تربيتهم وتقويم سلوكهم وتهذيب أخلاقهم، خاصة أن توجيهات علماء التربية تحث الأبوين والمربين بصفة عامة على التحلي بالصبر والأخلاق الحسنة والملاطفة والرفق والمعاملة الرحيمة، حتى ينشأ الأولاد على الاستقامة، ويتربوا على استقلال الشخصية، وبالتالي يشعروا أن لهم تقديرا واحتراما ومكانة، قال تعالى: ” وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ” وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمْ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا أَهْلَ الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ أَهْلُ السَّمَاءِ”.
وأخيراً وليس آخرا ، أبناؤكم فلذات اكبادكم نعمة من الله عز وجل منحها لكم، بهم تحلو حياتكم وحياة اولادكم . ويجب ان تسود علاقات المحبة والود والاحترام والتفاهم بين الآباء والأبناء .وعليكم إرشادهم برفق، وربوهم بحكمة، عاتبوهم بمحبة، وازجروهم برحمة، وتذكروا أن الرفق ما كان في شئ إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه.
الدكتور صالح نجيدات