مقالات

واقع مشهود وأمل منشود (2)

د. محمد طلال بدران (أبو صهيب)

هذه السلسلة يكتبها د. محمد طلال بدران – مدير دار الإفتاء والبحوث الإسلامية(48)
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:
* في ظلّ ذكرى مولد الهادي البشير الأمة إلى أين؟(2)
طرحنا في مقالة الأمس مجموعة من الأسئلة التي تخص تراجع القيَم، وحالة التشتت والفُرقة التي تعيشها الأمة؟ وكذلك تراجع تأثيرها على جميع الأصعدة، وهل هناك أمل في الخروج من هذا الواقع المُزري المشهود؟ أما الأجابة على التساؤل الأول الذي يقول:
1- ما هي الأسباب التي أدت إلى تراجع جميع القِيَم الإنسانية؟
– مما لا شك فيه أن الواقع المشهود اليوم بات شاهدٌ على تراجع القيَم الإنسانية، على جميع المستويات والأصعدة، فإنسان اليوم تعصف به الفتن من كل جانب، ويتخبط خبط عشواء في جميع الاتجاهات، وحتى لا نكون مجرّد منظّرين ونعلّق الخيبات على شمّاعة الغير، فإن الإنسان المسلم المعاصر الذي ينتمي لأمة الإسلام أصابه ما أصاب غيره من الفتن ما ظهر منها وما بطن، بل أكثر من غيره، حيثُ أصبحت الهوّة بينه وبين منظومة القِيَم الأخلاقية والمعتقدات الإسلامية التي جاء بها دين الإسلام كبيرة، بما فيها تلك التي تُرفع صُبح مساء في جميع المناسبات والأصعدة، وعلى جميع المنصّات كشعارات براقة يتغنى بها في كلّ وقت وحين وفي كل مناسبة ومناسبة، وأعتقد جازمًا أن الانحرافات العقائدية والقَيَم السلوكية في أمتنا تفوق نظيراتها في الأمم والشعوب الأخرى في هذا الوقت الراهن، وحتى نكون عمليين فإن الأمثلة على ذلك كثيرة ومتعددة ومن أمثلة ذلك:
فإن أول هذه الشواهد والأمثلة: ضعف الوازع الديني الذي يأتي من خلال تأثير العقيدة على ضبط وتوجيه السلوك الإنساني، ثمّ حبّ الدنيا حبًا جمًا يفوق كل تصوّر، ثم ظهور الأنانية المطلقة وحب الذات بهدف تحقيق المصالح الخاصة على حساب المصالح العامة؛ -وهذا من شواهد حب الدنيا- وتفشي الكذب والنفاق والخداع في أغلب المعاملات وهضم حقوق الآخرين، والسطو على ممتلكاتهم كما يظهر على جميع المستويات ابتداءً من مؤسسات الدولة الرسمية التي تمارس الظّلم وانتهاءً بالأفراد.
– وكذلك فشُوُّ الأخلاق المنبوذة والتصرفات المشينة والتي لم يكن يتجرأ الإنسان السوي على فعلها في مرحلة من المراحل، ولكنها أصبحت اليوم تسود في معظم المعاملات البشرية القائمة بين المسلمين على وجه الخصوص، حتى أصبح على الفرد توخي الحذر الشديد في جميع جوانب الحياة التي “قد يواجه فيها أناسًا كثيرين يُعانون هشاشةً قيَميّة تجعلهم يتصرفون بزيف أخلاقي مستخدمين أساليب احتيالية نفاقية باحترافية عالية ويتلونون بجميع ألوان المكر والخداع لنيل مرادهم” لتحقيق مصالحهم الضيقة…يتبع.
– صباحكم طيّب ونهاركم سعيد مبارك مكلّل بالنجاح والفلاح، ثم بالصلاة على خير مبعوثٍ للعالمين محمد ﷺ.
– مقالة رقم: (1727)
18. ربيع الأوّل. 1446هـ
باحترام: د. محمد طلال بدران (أبو صهيب)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق