مقالات

هل تنتقل مصر من “وسيط” الى ” طرف”؟

الدكتور سهيل ذياب

مرت سيرورة المفاوضات لعقد صفقة تبادل اسرى بعد طوفان الاقصى ثلاث مراحل:

الاولى- مفاوضات اسرائيلية مقابل حماس بشكل غير مباشر بوساطة امريكية- مصرية – قطرية واوصلت لهدنة لمدة اسبوع وتبادل اسرى جزئي، وعادت اسرائيل حربها على قطاع غزة ثانية. ودامت هذه المرحلة حتى بداية شهر ايار، وكانت مزيجا من عمليات عسكرية ابادية، ومفاوضات عبر الوسطاء اوصلت الى تقديم مقترح مصري في الخامس من ايار ، بدعم الوسطاء تم قبوله كاملا من قيادة حماس ورفضته اسرائيل كليا.

الثانية- منذ ايار وحتى نهاية اغسطس، وكانت الصفة المركزية للمفاوضات ليس بين اسرائيل والفلسطينيين، وانما بين اسرائيل والوسطاء الثلاثة، حيث شهدت هذه المرحلة: رفض اسرائيل للمقترح المصري وبيان بايدن وقرار مجلس الامن بوقف اطلاق النار، وبالمقابل مناورات وتلاعب امريكي تماهيا مع نتنياهو بالتغطية على اجتياح رفح واحتلال المحور الفيلدلفي ومعبر رفح ومزيد من المجازر والابادة. في هذه المرحلة وخاصة بعد قبول حماس في الثاني من تموز على المقترحات المعدلة لمسار بايدن ورفضت اسرائيل ذلك كليا، كانت زيارات مكوكية من الوسطاء مع اسرائيل بالذات، ولم توصل هذه المباحثات الى اي زحزحة بالتعنت وصلافة الاسرائيليين.

الثالثة- مرحلة التمايز والنقاش بين الوسطاء الثلاثة ، بينهم وبين أنفسهم ، حول:

1. من المسؤول عن اجهاض المفاوضات والوصول الى صفقة؟ الجانبان المصري والقطري ابديا المزيد من الملامة للموقف الامريكي بتبرئة نتنياهو وادانة حماس، الامر الذي اقلق الوسطاء العرب.

2. وضع شروط جديدة لنتنياهو متعلقة بالاحتفاظ باحتلال محور فيلدلفي ومعبر رفح، الامر الذي اعتبرته مصر تهديدا للامن القومي المصري وخرقا لاتفاقيات كامب ديفبد ١٩٧٩ والبروتوكولات الامنية ٢٠٠٥. وايضا هنا تماهت امريكا مع الموقف الاسرائيلي.

3. الاغتيالات الكبرى في بيروت وطهران لاسماعيل هنية وفؤاد شكر، أثار غضبا شعبيا شاملا في العالم العربي، ووصل هذا الغضب لصناع القرار في مصر، والتقط صناع القرار خطورة المغامرات الاسرائيلية على الامن الاقليمي.

قبل اسبوع ، تتالت التصريحات الامريكية بتحميل حماس مسؤولة فشل المفاوضات وآخرها تصريح كيربي- مستشار الامن القومي، وسط تصريحات بامكانية تقديم مقترح امريكي يتم فرضة على الاطراف، هذا النهج الامريكي الفاضح، اوصل الوسطاء العرب الى الاستنتاج أن الادارة الامريكية ابتعدت كثيرا عن تلخيصات الوسطاء، وبدأ يحرجها أمام الحقائق الدامغة.

ان التصريحات الاعلامية العلنية للقيادات المصرية وخاصة تصريحات وزير الخارجية المصري بدحض اكاذيب اسرائيل بما يتعلق بالمحور الفيلدلفي وسير المفاوضات، وتغطية امريكا للموقف الاسرائيلي، تدل على ما يلي:

1. ان الوسطاء على خلاف بما يتعلق بسير المفاوضات وبمسؤولية اسرائيل افشالها.

2. ان الولايات المتحدة بدأت تفقد دورها الوسيط وتحولت نهائيا الى طرف.

3. ان مصر ترسل رسالة واضحة، مفادها أن الوضع الجديد يقلق مصر كثيرا، ومن الممكن ان تجد نفسها طرفا في الصراع، وليس ” وسيطا” كما كانت حتى اليوم. هذا السيناريو اكثر ما يزعج اسرائيل الان.

سهيل دياب- الناصرة
د. العلوم السياسية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق